ومنه ظهر أنه لا مجال لتوهم ان قضية تنجز الاجتناب عن المعلوم هو الاجتناب عنه أيضاً ، ضرورة ان العلم به إنما يوجب تنجز الاجتناب عنه لا تنجز الاجتناب عن فرد آخر لم يعلم حدوثه وإن احتمل
______________________________________________________
الثاني لأنه علم بالموضوع وهو لا يصلح للمنجزية بل المنجز هو العلم بوجوب الاجتناب عن أحدهما الناشئ من العلم بالنجاسة وهو مما لا يكون علة للعلم بوجوب الاجتناب الّذي طرفه الملاقي «بالكسر» أصلا بل هما معلولان لعلة واحدة فلا يصلح أن يكون أحدهما مانعاً عن منجزية الآخر ، وعلى هذا فلم يتضح الوجه فيما هو المشهور من طهارة الملاقي لأحد أطراف الشبهة ، وان كان هو الّذي يقتضيه المذاق الفقهي. وكأن الوجه فيه : أن السبق الزماني لأحد العلمين موجب لاستناد التنجز إليه دون اللاحق وإن قلنا بأن التنجز يستند إلى العلم حدوثاً وبقاءً ـ كما ذكرناه آنفاً ـ إذ غاية ما يقتضي اقتران العلمين حدوث أحدهما مع بقاء الآخر ، لكن ذلك لا ينافي استناد التنجز عند العقلاء إلى السابق ، فان الانحلال الموجب لسقوط العلم المنحل عن التأثير ليس حقيقياً ـ كما عرفت ـ ولا عقلياً أيضاً ـ كما يقتضيه النّظر الدّقيق ـ بل هو عقلائي ، والعقلاء مع اختلاف العلمين بالسبق واللحوق لا يرون للاحق أثراً في المنجزية ، لا بنحو الاستقلال ولا بنحو الانضمام ، وحينئذ يتعين التفصيل بين الصور ـ كما ذكره المصنف «ره» ـ ثم انه لا مجيء لشبهة معارضة أصل الطهارة في الملاقي «بالكسر» لأصل الحل في الأصليين على مسلك المصنف ـ رحمهالله ـ وما بعده لأن العلم الإجمالي بين الأصليين لما كان منجزاً استند سقوط الأصول إليه فلا يرجع إلى الأصل في الملاقي بالكسر الا بعد تنجيز العلم القائم بين الأصليين المانع من جريان الأصول فيهما ففي رتبة جريان الأصل في الملاقي «بالكسر» لا مجال لجريان الأصول في الأصليين حتى تتوهم المعارضة بينهما بل تختص المعارضة على مسلك الشيخ ـ رحمهالله ـ لا غير كما ذكرنا (١) (قوله : ومنه ظهر انه لا مجال لتوهم) يعني ما ذكره من قوله :