لاحتمال أن يكون بلحاظ الافراد ولو سلم فلا محيص عن انه هاهنا
______________________________________________________
منه المقام ، وكأن الوجه في احتماله : أن الإتيان يتعدى بالباء إلى المأتي به نحو قوله تعالى : (ومن يغلل يأت بما غل) ، وقوله تعالى : (إلا أن يأتين بفاحشة) وبنفسه إلى المأتي نحو قوله تعالى : (واللاتي يأتين الفاحشة) وتقول : جئتك بزيد وجئت زيداً بالمال ، فيحتمل كونه هنا متعديا ب (من) إلى المأتي به على أنها بمعنى الباء ، وهو توهم ظاهر إذ لم تذكر التعدية من معاني (من) ولا ذكر معنى الباء من معانيها الا يونس على ـ ما حكي عنه ـ وليس مراده باء التعدية ـ كما هو ظاهر ـ فالتردد ينبغي أن يكون بين المعنيين الأولين. فتأمل. والاستدلال يتوقف على كونها للأول إذ لو حملت على الثاني كانت دالة على وجوب التكرار وهو غير المقصود بالاستدلال بها كما هو ظاهر (١) (قوله : لاحتمال ان يكون) يعني أن حملها على التبعيض إنما ينفع في الاستدلال لو حمل الشيء على الكل ذي الاجزاء أما لو حمل على العام ذي الافراد كانت من التبعيض في الافراد وهو غير محل الكلام. والتحقيق : أن كلمة شيء ظاهرة في الأمر الواحد فان جعل بمعنى الجنس كانت (من) بيانية ، وان جعل بمعنى الكل كانت تبعيضية ، والعام ذو الافراد المتكثرة إن لوحظت افراده لحاظ اجزاء الكل كان داخلا في الكل غايته يكون من الاجزاء ماهية ، وإلا امتنع حمل الشيء عليه لأنه ليس شيئا واحدا كما هو ظاهر ، وعليه فإذا كان الظاهر هو التبعيض صح الاستدلال ، ولا مجال للإشكال بالإجمال لاحتمال كون الحكم بلحاظ الافراد لأنها إن لوحظت على وجه تكون كلا فهي داخلة في إطلاق الرواية ، وعلى وجه آخر تكون كثيرا فهي خارجة عنها بالمرة ، فالعمدة حينئذ إثبات ظهور (من) في التبعيض ، ويبعده أنها لو حملت على التبعيض فاما ان تتعلق بما استطعتم بجعل (ما) موصولة أو موصوفة ، وهو خلاف الظاهر ، أو بالإتيان بجعل ما مصدرية ، وهو كذلك ، بل لا معنى له ، أو به بجعل (ما) موصولة أو موصوفة بدلا من (منه) ، فهو كذلك أيضا فيتعين تعلقها