ولا بُعد أصلا في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شيء والجهل به كما لا يخفى. وقد صار بعض الفحول بصدد بيان إمكان كون المأتي في غير موضعه مأمورا به بنحو الترتب وقد حققنا في مبحث الضد امتناع الأمر بالضدين مطلقا ولو بنحو الترتب بما لا مزيد عليه فلا نعيد ، ثم إنه ذكر لأصل البراءة شرطان آخران (أحدهما) أن لا يكون موجباً لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى (ثانيهما) أن لا يكون موجبا للضرر على آخر ، ولا يخفى أن أصالة البراءة عقلا ونقلا في الشبهة البدوية بعد الفحص لا محالة تكون جارية وعدم استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية والإباحة ورفع التكليف الثابت بالبراءة النقليّة لو كان موضوعاً لحكم شرعي أو ملازماً له فلا محيص عن ترتبه عليه بعد إحرازه
______________________________________________________
(١) به يندفع الإشكال الثالث الّذي ذكرناه (٢) (قوله : بنحو الترتب) يعني بان يؤمر بالتمام على تقدير عصيان الأمر بالقصر الحاصل بامتناع حصول مصلحته لكن بنحو الشرط المتأخر فإذا فرض تحقق العصيان ولو بعد فعل التمام كان مأمورا بالتمام من أول الأمر (فان قلت) : الموجب لامتناع حصول مصلحة القصر فعل التمام فإناطة الأمر بالتمام بامتناع المصلحة موجبة لإناطته بفعل التمام لأن المنوط بالمعلول منوط بعلته وإناطة الأمر بالتمام بفعل التمام محال لأنه طلب الحاصل (قلت) : هذا مبني على أن عدم علة أحد الضدين مقدمة لوجود الضد الآخر لأن بديله وهو وجود علة أحد الضدين علة لعدم الآخر وهو غير مبنى عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده. فتأمل (٣) (قوله : امتناع الأمر بالضدين) قد عرفت انه لم يتضح الوجه في الامتناع (٤) (قوله : ذكر لأصل البراءة) الذاكر هو الفاضل النراقي (ره) (٥) (قوله : آخران) يعني غير شرط الفحص (٦) (قوله : لا محالة تكون جارية) أما الثانية فلإطلاق أدلتها التي لم يخرج عنها الا فيما قبل الفحص كما عرفت. وأما الأولى فلأنه ان احتمل اعتبار شيء فيها فهو الفحص فمع حصوله تجري بلا توقف على شيء آخر (٧) (قوله : وعدم استحقاق العقوبة) يعني فإذا جرت البراءة