يفترق العلم عن الجهل المتعلقين بالفعلي بالمعنى الأخير في ان الأول ليس عذرا في نظر العقل والثاني عذر في نظره وإلّا فهما من حيث المنع عن الترخيص الشرعي سواء ، ومن هنا يظهر أن ما ذكره في المتن من كونه مقتضيا للتنجز هو المختار له في محل الكلام في المقام لكنه ليس مطابقا لما هو الحق الحقيق بالقبول ، وما ذكره في وجهه من ان مرتبة الحكم الظاهري معه محفوظة لا يصلح سندا له ولا ينبغي ان يعول عليه فان كل واحد من أطراف المعلوم بالإجمال وان كان مشكوك الحكم وبذلك يصير موضوعا للحكم الظاهري لكن لا بد من توجيه النّظر إلى العلم الإجمالي وانه علة تامة لتنجيز متعلقه على إجماله أولا؟ فعلى الأول يمتنع الترخيص في أطرافه لأنه نظير الترخيص في مخالفة العلم التفصيليّ ، وعلى الثاني لا مانع منه (فنقول) : لا ينبغي التأمل في ان العلم الإجمالي ليس إلّا من سنخ العلم التفصيليّ موجبا لإراءة متعلقه وانكشافه انكشافا تاما لا قصور في ناحية انكشافه أصلا فان من علم انه يجب عليه إكرام زيد بن بكر الّذي لا يعرفه بعينه لا قصور في علمه بالإضافة إلى متعلقه أعني إكرام زيد بن بكر ومجرد تردده بين شخصين لا يوجب نقصا في علمه بالإضافة إلى متعلقه غاية الأمر ان علمه لم يحط بتمام الخصوصيات المانعة من التردد بين شخصين ، ومن المعلوم بشهادة الوجدان عدم دخل ذلك في المنع من منجزية العلم إذ لا ريب في انه بمجرد حصول ذلك العلم الإجمالي يتحرك العبد نحو موافقته بطبعه وعقله ويعد قول المولى : لا تكرم كل واحد من الشخصين : مناقضا لما علم بحيث يحكم إجمالا بان أحد الكلامين ليس مطابقا للواقع نظير ما تقدم في العلم التفصيليّ حرفا بحرف ، فلا فرق بين العلمين من هذه الجهة أصلا ، ومن هذا يظهر انه لا مجال للترخيص الظاهري في كل واحد من أطراف الشبهة لأنه راجع إلى الترخيص في المعصية الممتنع عقلا ، ومجرد كون كل واحد مشكوك الحكم لا يصححه بعد انطباق عنوان الترخيص في المعصية عليه الّذي لا ريب في قبحه ، والتأمل في طريقة العقلاء يوجب وضوح ما ذكرنا بما لا مزيد عليه فالمعول عليه حينئذ انه علة تامة للتنجز بحيث لا يتوقف على وجود شرط أو فقد