وكونه أصلا عملياً إنما هو بمعنى أنه وظيفة الشاك تعبداً قبالا للأمارات الحاكية عن الواقعيات فيعم العمل بالجوانح كالجوارح ، وأما التي كان المهم فيها شرعاً وعقلا هو القطع بها ومعرفتها فلا مجال له موضوعا ويجري حكما ، فلو كان متيقناً بوجوب تحصيل القطع بشيء كتفاصيل القيامة في زمان وشك في بقاء وجوبه يستصحب ، وأما لو شك في حياة إمام زمان مثلا فلا يستصحب لأجل ترتيب لزوم معرفة إمام زمانه بل يجب تحصيل اليقين بموته أو حياته مع إمكانه ، ولا يكاد يجدي في مثل وجوب المعرفة عقلا أو شرعا إلا إذا كان حجة من باب إفادته الظن وكان المورد مما يكتفى به أيضا فالاعتقادات كسائر الموضوعات لا بد في جريانه فيها من أن يكون في المورد أثر شرعي يتمكن من موافقته مع بقاء الشك فيه كان ذاك متعلقاً بعمل الجوارح أو الجوانح. وقد انقدح بذلك أنه لا مجال له في نفس النبوة إذا كانت ناشئة من
______________________________________________________
الاستصحاب فيه لعدم الأثر العملي لبقائه حتى يترتب بالاستصحاب ووجوب المعرفة ليست من آثار بقائه واقعاً بل هو ثابت مطلقاً حتى مع ارتفاعه. نعم لا مانع من جريان الاستصحاب في حكمه ـ أعني وجوب المعرفة لو شك في بقائه بعد اليقين بثبوته ـ كما لا مانع من جريان الاستصحاب في نفس الموضوع لو كان الاستصحاب مفيداً للظن وكان مما تكفي فيه المعرفة الظنية ، لكن ذلك لا لأنه حجة بل لحصول المعرفة الظنية التي هي داخلة في المعرفة الواجبة ولو لم نقل بحجيته من باب الظن أو لم نقل بحجيته أصلا والله سبحانه أعلم (١) (قوله : وكونه أصلا عملياً) إشارة إلى توهم أن الاستصحاب من الأصول العملية فلا يجري في الأمور الاعتقادية لأن الاعتقادية تقابل العملية.
وحاصل الدفع : ان المراد من الأصل ما يقابل الأمارة ومن العمل ما يعم العمل بالجوانح لا ما يقابل الاعتقاد (٢) (قوله : فلا مجال له) يعني لا مجال للاستصحاب فيها موضوعا فلا يصلح لإثبات نفس الموضوعات التي تجب معرفتها (٣) (قوله : ولا يكاد يجدي) يعني الاستصحاب وانما لا يجدي لعدم كونه معرفة (٤) (قوله : مع بقاء الشك) مثل