وأما تعبداً فلان قصارى ما هو قضية حجية الأمارة كون مؤداها هو الواقع تعبداً لا الواقع الّذي أدت إليه الأمارة «فافهم» اللهم إلا ان يقال : إن الدليل على تنزيل المؤدى منزلة الواقع الّذي صار مؤدى لها هو دليل الحجية بدلالة الاقتضاء لكنه لا يكاد يتم إلّا إذا لم يكن للأحكام بمرتبتها الإنشائية أثر أصلا وإلّا لم يكن لتلك الدلالة مجال كما لا يخفى
______________________________________________________
من امتناع أخذ الظن بالحكم موضوعا في نفس ذلك الحكم (١) (قوله : فافهم) يمكن أن يكون إشارة إلى ما ذكرناه من أن قيام الطريق على الحكم لو فرض اقتضاؤه ثبوت الواقع بوصف كونه مما قامت عليه الأمارة لم ينفع في إثبات الفعلية ما لم يقم دليل آخر على أن كل حكم إنشائي قامت عليه الأمارة يثبت فعلياً تعبداً ولو فرض قيام هذا الدليل كان موضوعه محرزاً بالوجدان ولا يحتاج إلى إثبات كون دليل الأمارة مثبتاً للواقع بما انه قام عليه الطريق إذ قيام الأمارة عليه يكون وجدانياً لا معنى للتعبد فيه ، فالتنجز يكون حينئذ مستنداً إلى العلم بالفعلية الحاصل من ذلك الدليل كما ذكرنا لا إلى دليل حجية الأمارة (٢) (قوله : اللهم إلّا أن يقال إن) يعني أن دليل حجية الأمارة وان لم يقتض فعلية الأحكام بالدلالة اللفظية إلا أنه لما لم يكن معنى لجعل الحجية على الأحكام الإنشائية لا بد من أن يحمل على بيان كون الأحكام الإنشائية بتوسط قيام الأمارة عليها تكون فعلية ، والباعث على هذا التصرف صون الكلام عن اللغوية. هكذا ينبغي أن يقرر الاستدلال لا على ما يقتضيه ظاهر العبارة ، لأنا لو سلمنا أن دليل الحجية يدل على تنزيل المؤدى منزلة الواقع بوصف كونه مؤدى الأمارة لا ينفع ذلك في التنجز ما لم يقم دليل آخر على كون الحكم الإنشائي الّذي قامت الأمارة عليه يثبت فعلياً تعبداً ، والمفروض عدم هذا الدليل ، ولو فرض ثبوته لم يحتج إلى إثبات أن دليل الأمارة يقتضي ثبوت عنوان مؤدى الأمارة تعبداً حيث انه ثابت وجداناً ، فالأولى أن يقرر كما ذكرنا فتأمل جيداً (٣) (قوله : لم يكن لتلك الدلالة) لأنه