من جدران وسقوف قد بكون وجوده راجحا من حيثيتي الجدران والسقوف معا فتحدث الإرادة المتعلقة بهما معا فتبعث إلى بناء الجدران ووضع السقوف عليها ، وقد يكون راجحا من جهة الجدران مرجوحا من جهة السقوف فتحدث الإرادة الباعثة على بناء الجدران فيبني الجدران ولا يضع عليها السقوف ، ولو وضعها آخر خربها لما فيه من المفسدة مثل انهدام العمارة أوامر آخر ، وهكذا الحال في الشيء الواحد ذي المقدمات المتعددة فيجري فيه ما ذكرنا في المركب حرفا بحرف ، ثم نقول : قد عرفت فيما علقناه على مباحث الطلب والإرادة أن الإرادة التشريعية التي هي مناط كون الحكم حقيقيا من سنخ الإرادة التكوينية ، بل هي نحو خاص منها غاية الأمر أنها متعلقة بالوجود من حيث جعل الحكم ، فان الواجبات المولوية الصادرة من العبيد في مقام الإطاعة لما كانت صادرة عن إرادة العبد الناشئة عن علمه بحكم مولاه بتوسط حكم العقل بحسن العقاب على تقدير المخالفة كان لوجودها في الخارج مقدمات : هي جعل الحكم من قبل المولى ، وعلم العبد به ، وحدوث إرادته بتوسط الداعي العقلي وحينئذ فقد تتعلق إرادة المولى بوجود فعل ذي المصلحة من جميع الجهات المذكورة فتحدث إرادات غيرية للمولى بهذه الأمور فتبعث على جعل الحكم وإعلامه للعبد وتهديده وتخويفه إلى أن تحصل له إرادة الفعل فيفعل ، وقد تتعلق الإرادة بالوجود بلحاظ بعض هذه الجهات فان تعلقت بالوجود من جهة جعل الحكم وتشريعه سميت هذه الإرادة إرادة تشريعية واقتضت حينئذ مجرد تشريع الحكم ، فان تعلقت أيضا بالوجود بلحاظ الاعلام اقتضت حينئذ إعلامه ... وهكذا ، وحينئذ كل إرادة للوجود من جهة إنما تنافي كراهته من تلك الجهة ولا تنافيها من جهة أخرى أصلا (إذا عرفت) هذا عرفت ان الترخيص في ظرف الشك لا ينافي الإرادة الواقعية لأنها إنما تعلقت بالوجود من جهة جعل الحكم لا غير والترخيص إنما هو بلحاظ وجود الحجة على الحكم ـ أعني جهة الاعلام ـ وهذه الجهة لم تكن موضوعا للإرادة حسب الفرض ، نعم لو فرض كون الواقع مرادا من جهة الحكم ومن جهة إقامة الحجة عليه بإعلام أو إيجاب احتياط أو غيرهما امتنع الترخيص حينئذ لكن هذا