صريحة جليّة فلا مجال للاستنباطات النظرية التي هي منشأ الاختلافات في أحكام القضاء.
ومن الجدير بالذكر أنّ كلمتي «إلينا» و «علينا» اللتين وردتا في : (انَّ الَينَا ايابَهُم) (ثُمَّ انَّ عَلَينَا حِسَابَهُم) ، خبر مقدّم تفيدان الحصر ، أي رجوعهم إلينا وحدنا ، وسيكون حسابهم علينا فقط ، وبهذا الترتيب فإنّ هذا ينفي جميع الاحتمالات والإشكالات الاخرى ، على أيّة حال فإنّ هذا وعيد للكفّار والمجرمين الذين أعرضوا عن آيات الحق ، وقد أشارت إلى هذا المعنى الآيات التي تسبق هذه الآية.
ويمكن أن تكون هذه الآيات بشرى لأولياء الله الذين يعلمون بأنّ حسابهم على الله وسوف يرجعون إلى محبوب قلوبهم فيجزيهم الجزاء الأوفى ، وإن كان عندهم زلل أو خطأ فهو يغفره لهم بلطفه وكرمه ، وهناك نكتة اخرى جديرة بالاهتمام حيث ورد في بعض الروايات والزيارات أنّ إياب الخلق وحسابهم على علي عليهالسلام والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ولقد انتقد هذا الاعتقاد بعض مفسّري أهل السنّة مثل الآلوسي في روح البيان حيث قال إنّ هذا الكلام يتنافى مع ما ورد في الآيات أعلاه.
في حين نحن نعلم بأنّ الإمام علياً والأئمّة المعصومين عليهمالسلام كلّهم مطبّقون لأوامر الله وأحكامه ، وبناءً على ذلك يصبح حسابهم هو حساب الله تعالى وحكمهم كحكم الأعمال التي تقوم بها الملائكة في عالم «التكوين» و «التشريع» وتُنسب جميع هذه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى لحكم حصولها بأمره ، وفي نفس الوقت تُنسب إلى الملائكة أيضاً.
وهناك شبهة اخرى مشهورة طرحها هؤلاء في هذا الصدد وهذه الشبهة هي «مابالعرض» و «ما بالذات» ، وبتعبير أوضح أنّه لا أحد يزعم بأنّ حساب الخلائق وإيابها ينسب إلى علي والأئمّة عليهمالسلام بصورة مستقلة ، بل إنّ الكل يقول إنّ هذا الفعل بذاته يختص بالله وينسب بالواسطة إلى علي عليهالسلام والأئمّة عليهمالسلام ، وهذه المسألة لا تختلف عن مسألة الشفاعة وعلم الغيب وغيرها من المسائل ، فجميع هذه الامور تُنسب بالذات إلى الله تعالى وتُنسب بالعرض للأنبياء والأوصياء والملائكة.