وبتعبير آخر ، يمكن القول : إنّ الشفاعة بمفهومها الإسلامى تعتبر نتاجاً لنوع من العلاقة بين الشفيع (أولياء الله والقرآن و...) والمشفوع له ، وهي رهينة بإذن الله وتستلزم أرضية إلهيّة ، وبناءً على هذا فإنّ أمل الشفاعة يقول للإنسان : يجب عليك إقامة علاقة إيمان وعمل مع أولياء الله ، وأن تعمل ما من شأنه جلب رضا الله ، ليكون لك رصيداً في ذلك اليوم العصيب وسبباً للشفاعة عندهم.
ولهذا السبب يكون أصل الشفاعة رادعاً عن ارتكاب الذنب من جهة ، وعاملاً لإعادة النظر في ما ارتكب من سيّئات في الماضي.
ولا يخفى أيضاً أنّ أحداً لم يتسلّم ضماناً بالشفاعة من أي ولي من أولياء الله ، ولا يمكن لأي مذنب أن يطمئن إلى قول الشفاعة فيه ، بل إنّها مطروحة كإحتمال وأمل ، وهذا أيضاً مشروط بالشروط المذكورة آنفاً ، وعلى هذا فهي لا تدفع مطلقاً على التجرؤ على ارتكاب الذنب.
ب) لمن الشفاعة؟
هل هي للشخص النادم على الذنب؟ فهذا في غنىً عن الشفاعة لأنّ التوبة تعني الندم وهي سبب الخلاص ، وإذا وجدت التوبة فما الحاجة للشفاعة؟ وإن كانت للعاصي غير النادم على الذنب ، الذي يقف أمامه بكل صلافة وجسارة ، فمثل هذا الشخص لا يستحق الشفاعة وهو ليس مصداقا لقوله «لِمَنْ ارْتَضَى» في الآية ٢٨ من سورة الأنبياء!؟
الجواب :
أوّلاً : إنّ للتوبة شروطها ، وكثيراً ما يخفق الإنسان في انجاز كل تلك الشروط ، لأنّ عدداً من الآيات القرآنية نصّت على أنّ التوبة اصلاح الماضي ، أي لو أنّ أحداً كان يرتكب الذنوب لسنوات متمادياً ويدخل باب التوبة نادماً ، يجب عليه إصلاح ما مضى سواءً كان حق الله بعمل الخير ، أو كان حق الناس فيجب عليه أداؤه عن آخره ، وعلى هذا فالتوبة