أمرهم الله تعالى.
فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله نخرج من منى ورؤوسنا تقطر من النساء؟! وقال آخرون : يأمرنا بشيء ويصنع هو غيره.
فقال : «أيّها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت كما صنع الناس ، ولكن سقت الهدي فلا يحلّ من ساق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه». فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عمرة.
وقام إليه سراقة بن مالك المدلجي فقال : يا رسول الله هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال (صلىاللهعليهوآله) : «بل للأبد إلى يوم القيامة ـ وشبك بين أصابعه ـ» وأنزل الله بذلك قرآنا : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).
وقريب منه : ما رواه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة في جوامعهم وأحمد في مسنده وغيرهم عن الصادق وعن الباقر عن جابر وقد ذكرت في مجامعهم روايات كثيرة بمضامين مختلفة.
قال القرطبي : «قد تواردت الآثار عن النبي (صلىاللهعليهوآله) فيه ـ أي في مشروعية هذا القسم ـ أنّه أمر أصحابه في حجة من لم يكن معه هدي ولم يسقه وقد كان أحرم بالحج أن يجعلها عمرة ، وقد أجمع العلماء على تصحيح الآثار بذلك عنه (صلىاللهعليهوآله) ولم يدفعوا شيئا منها إلا أنّهم اختلفوا في القول بها والعمل لعلل» ثم ذكر بعض تلك العلل وهي موهونة لمن تدبر فيها ولذلك لم يعمل بها كثير من علمائهم.
وأما قول الخليفة فهو مردود من جهات وقد ذكرت في الكتب الكلامية ، وسيأتي في الموضع المناسب في هذا التفسير إثبات أنّ أحدا لا يقدر أن يدفع حكما إلهيّا نطق به القرآن الكريم أو جاء به الرّسول الأمين (صلىاللهعليهوآله).
الخامس : إطلاق قوله تعالى : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) يقتضي إجزاء