مفاتيح تلك الأقفال الشراب».
وقد ألف العلماء في كلّ واحد من الخمر والميسر كتبا مستقلة تشتمل على فوائد جليلة من شاء فليرجع إليها.
وتحريمهما لا يختص بهذه الشريعة بل حرّمتهما جميع الأديان الإلهية ففي الحديث عن الصادق (عليهالسلام) : «ما بعث الله نبيا قط إلا وفي علم الله أنّه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ولم تزل الخمر حراما ، إنّ الدّين إنّما يحوّل من خصلة إلى أخرى ، فلو كان ذلك جملة قطع بهم (بالناس) دون الدّين».
ونحن نتكلّم في هذا البحث عن الجانب الخلقي للخمر وتأثيرها في الصفات الخلقية للإنسان إجمالا.
من المعلوم أنّه لم يخلق الله جلّ جلاله خلقا أعزّ وأشرف لديه من العقل الذي جعله مدار إنسانية الإنسان ، وبه امتاز عن سائر المخلوقات وفاق به عليها ، وهو مناط التكليف ، وعليه يدور الثواب والعقاب ، كما أنّ به يقوم الجزاء في يوم الحساب. وتدل على ذلك الأدلة الكثيرة العقلية والنقلية فكلّ ما يضاد العقل وينافيه ، أو يسلبه ويعاديه يكون من أبغض الأشياء لدى الله وجميع الأنبياء والمرسلين والملائكة أجمعين ، والخمر لا أثر لها إلا ذلك ، فهي أم الخبائث كما كنّاها به نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) وقد لعن شاربها :
فعن الصادق (عليهالسلام) : «من شرب جرعة من خمر لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون».
ومن غير المعقول أن يرتكب عاقل ملتفت أم الخبائث ، وما يزيل النظم والانتظام عما يصدر منه من أعمال جوارحيّة وأفكار جوانحيّة ، فعدّ شرب الخمر من المقبّحات العقلية أولى من عدّه من المحرّمات الشرعية ، مع أنّهما متلازمان كما ثبت في محلّه ، ويدل على ذلك قول الأئمة الهداة : «إنّ الله حرّم الخمر لفعلها وفسادها».