فلا ينبغي الإشكال في إجراء أصالة عدم كلّ من الوجوب والحرمة ، بمعنى نفي الآثار المتعلّقة بكلّ واحد منهما بالخصوص إذا لم يلزم مخالفة علم تفصيلي ، بل ولو استلزم ذلك على وجه تقدّم في أوّل الكتاب في فروع اعتبار العلم الإجمالي.
____________________________________
متعدّدة.
إذا عرفت هذه الامور ، فنقول : إنّ محلّ النزاع هو ما إذا كان دوران الفعل بين الوجوب والحرمة التوصّليّين مع وحدة الواقعة ، بحيث لا يكون احتمال اتّصافه بحكم آخر في البين ، وإلّا يكون موردا للبراءة بلا إشكال ، كدوران الفعل بين الحرمة مع غير الوجوب ، والوجوب مع غير الحرمة ، لأنّ الملاك في جواز الرجوع إلى البراءة هو ما إذا لم يكن الرجوع إليها مستلزما للمخالفة القطعيّة العمليّة ، وهي لازمة من الرجوع إلى البراءة في صورة تعدّد الواقعة ، إذ لازم البراءة هو ترك الفعل في واقعة ، وارتكابه في واقعة اخرى لجواز الفعل والترك بمقتضى البراءة ، وهكذا يكون الرجوع إلى البراءة مستلزما للمخالفة القطعيّة العمليّة فيما إذا كان كلاهما أو أحدهما تعبّديّا ، كما لا يخفى.
وبالجملة ، إنّ محلّ النزاع هو دوران الفعل بين الوجوب والحرمة التوصّليّين في الواقعة الواحدة ، فيما إذا لم يكن احتمال غيرهما معهما. هذا تمام الكلام في تحرير محلّ الكلام في المقام.
(فلا ينبغي الإشكال في إجراء أصالة عدم كلّ من الوجوب والحرمة) لا بمعنى نفيهما واقعا ، ثمّ نفي الآثار مطلقا وإن كانت مشتركة بينهما ، بل (بمعنى نفي الآثار المتعلّقة بكلّ واحد منهما بالخصوص إذا لم يلزم مخالفة علم تفصيلي) ، كما إذا نذر شخص درهما للفقير بإتيان واجب ، أو بترك حرام ، حيث يجوز له استصحاب عدم وجوب صلاة الجمعة ، لأجل أن يترتّب عليه نفي وجوب الدرهم ، أو استصحاب عدم حرمتها كذلك.
ومن المعلوم أنّه لا يلزم من استصحاب عدم وجوب صلاة الجمعة ونفي وجوب الدرهم مخالفة علم تفصيلي ، لاحتمال عدم وجوبها واقعا ، (بل ولو استلزم ذلك على وجه تقدّم في أوّل الكتاب) ، بل يجوز الرجوع إلى الاستصحاب ، ولو كان مستلزما لمخالفة علم تفصيلي متولّد من العلم الإجمالي على ما تقدّم في أوّل الكتاب من عدم اعتباره ، فراجع.