فإنّ كلّا من الوجوب والحرمة قد حجب عن العباد علمه. وغير ذلك من أدلّته ، حتى قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه أمر أو نهي) (١) ، على رواية الشيخ رحمهالله إذ الظاهر ورود أحدهما بحيث يعلم تفصيلا ، فيصدق هنا أنّه لم يرد أمر ولا نهي.
هذا كلّه ، مضافا إلى حكم العقل بقبح المؤاخذة على كلّ من الفعل والترك ، فإنّ الجهل بأصل الوجوب علّة تامّة عقلا بقبح العقاب على الترك من غير مدخليّة لانتفاء احتمال
____________________________________
ومنها : الحكم بالتخيير بينهما شرعا.
ومنها : الحكم بالإباحة شرعا ، والتخيير عقلا.
ومنها : التخيير بينهما عقلا من غير الالتزام بالحكم الظاهري شرعا.
ومنها : ما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله : (فقد يقال في محلّ الكلام بالإباحة ظاهرا) بحجّة شمول أدلّتها للمقام وهي : (قولهم عليهمالسلام : (كلّ شيء لك حلال) ، وقولهم عليهمالسلام : (ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع) ... إلى آخره) ، و (قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي أو أمر) على رواية الشيخ رحمهالله) حيث اضيف فيها قوله عليهالسلام : (أو أمر) إلى قوله : (نهي) ، وأمّا على رواية غيره (٢) ، حيث لم يكن فيها قوله : (أو أمر) ، فالرواية لا تشمل المقام ، لأنّها مختصّة ـ حينئذ ـ بالشبهة التحريميّة.
وتقريب الاستدلال بالروايات المتقدّمة على الإباحة الظاهريّة في المقام مبني على أن يكون المراد بالعلم الذي جعل غاية للحلّيّة الظاهريّة في رواية الحلّ علما تفصيليّا كما هو كذلك بقرينة (بعينه) في قوله عليهالسلام : (كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه ... إلى آخره) ، وأن يكون المراد من حديث الحجب : (ما حجب الله علمه) تفصيلا(عن العباد ، فهو موضوع عنهم).
وأن يكون المراد بقوله : (كلّ شيء مطلق) ، أي : محكوم بالحلّيّة حتى يرد فيه النهي أو الأمر تفصيلا حتى يصدق في ما نحن فيه عدم ورودهما كذلك ، إذ لم يرد في المقام أمر تفصيلا ، ولا نهي كذلك.
(هذا كلّه ، مضافا إلى حكم العقل بقبح المؤاخذة على كلّ من الفعل والترك ، فإنّ الجهل
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٦٦٩ / ١٤٠٥.
(٢) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.