ولذا اعترض عليه المحقّق رحمهالله ، بأنّه لا ينفع التخيير فرارا عن الرجوع إلى الثالث المطابق للأصل ، لأنّ التخيير ـ أيضا ـ طرح لقول الإمام عليهالسلام.
____________________________________
(ولذا اعترض عليه المحقّق رحمهالله ، بأنّه لا ينفع التخيير فرارا عن الرجوع إلى الثالث المطابق للأصل).
أي : لكون ظاهر كلام الشيخ في التخيير الواقعي اعترض عليه المحقّق بأنّ الالتزام بالتخيير لا ينفع في الفرار عن الرجوع إلى الثالث المطابق للأصل ، لكونه موجبا لطرح قول الإمام عليهالسلام ، (لأنّ التخيير ـ أيضا ـ طرح لقول الإمام عليهالسلام).
والوجه في ما ذهب إليه الشيخ قدسسره من التخيير أنّه اعترض على من ذهب في المسألة إلى جواز طرح القولين بالرجوع إلى الأصل ، لكونه موجبا لطرح قول الإمام عليهالسلام جزما ، فلا بدّ من اختيار أحدهما ، لئلّا يلزم طرح قول الإمام عليهالسلام فاعترض عليه المحقّق بأنّ التخيير ـ أيضا ـ طرح لقول الإمام عليهالسلام ، وهذا الاعتراض من المحقّق مبني على أن يكون مراده من التخيير التخيير الواقعي لا التخيير الظاهري ، لأنّ طرح قول الإمام عليهالسلام يلزم من القول بالتخيير الواقعي فقط.
فإنّ الحكم الواقعي فيما إذا اختلفت الامّة على قولين ، وذلك بأن يقول بعضهم بوجوب صلاة الجمعة وبعضهم بحرمتها ليس التخيير ، بل إمّا الوجوب معيّنا أو الحرمة كذلك ، لأنّ معنى التخيير الواقعي هو تساوي الفعل والترك في نظر الشارع ، ولم يتعلّق غرضه الداعي إلى الأمر أو النهي بأحدهما معيّنا ، فالتخيير بهذا المعنى مخالف للحكم الواقعي ، وهو إمّا الوجوب أو الحرمة.
والتخيير الظاهري لم يكن مخالفا للحكم الواقعي ، لأنّ معنى التخيير الظاهري هو تساوي الفعل والترك في نظر الشارع في الظاهر ، حينما لم يتمكّن المكلّف من العلم بالوجوب أو الحرمة فيتخيّر بين الفعل والترك ، بمعنى معذوريّته فيهما من دون تغيير مصلحة الفعل لو كان واجبا في الواقع ، أو مفسدته لو كان حراما كذلك.
ومن المعلوم أنّ التخيير بهذا المعنى لا يكون مخالفا للحكم الواقعي حتى يكون موجبا لطرحه ، فلا بدّ أن يكون مراد الشيخ قدسسره من التخيير التخيير الواقعي حتى يرد عليه ما اعترضه المحقّق قدسسره.