فإن قلت : إنّ غاية الحلّ معرفة الحرام بشخصه ، ولم يتحقّق في المعلوم الإجمالي.
قلت : أمّا قوله عليهالسلام : (كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه) (١) ، فلا يدلّ على ما ذكرت ، لأنّ قوله عليهالسلام : (بعينه) تأكيد للضمير ، جيء به للاهتمام في اعتبار العلم ، كما يقال : رأيت زيدا نفسه بعينه ، لدفع توهّم وقوع الاشتباه في الرؤية ، وإلّا فكلّ شيء علم حرمته فقد علم حرمة
____________________________________
مشكوك فيه كالشكّ البدوي ، (كذلك تدلّ على حرمة ذلك المعلوم إجمالا) بمقتضى مفهوم الغاية وهي قوله : (حتى تعرف الحرام) ، لأنّ المعلوم بالإجمال شيء علم تحريمه ، فيلزم ـ حينئذ ـ التناقض بين الصدر والذيل ، إذ الحكم الظاهري وهو الحلّية في الصدر يكون مغيّا بغاية وهو مطلق العلم والمعرفة وهي حاصلة في مورد العلم الإجمالي ، فيكون مقتضى حصول الغاية حرمة المشتبه المعلوم إجمالا ، فلا بدّ من اختصاص هذه الأخبار بالشبهة البدويّة ، وعدم شمولها لأطراف العلم الإجمالي ، حتى يكون الحكم فى أطراف العلم الإجمالي هو الحرمة فقط ، لئلّا يلزم ما ذكر من التناقض.
(فإن قلت : إنّ غاية الحلّ معرفة الحرام بشخصه ، ولم يتحقّق في المعلوم الإجمالي).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره هو أنّ غاية الحلّ في هذه الأخبار لم تكن مطلق العلم الشامل للعلم الإجمالي ، بل هي العلم التفصيلي بقرينة قوله : (بعينه) حيث قال عليهالسلام : (كلّ شيء حلال حتى تعرف الحرام بعينه) ، أي : حتى تعرف أنّه حرام معيّنا وتفصيلا ، فلا يلزم ـ حينئذ ـ تناقض بين الصدر والذيل ، لأنّ الحكم بالحلّية يكون مغيّا بالعلم التفصيلي وهو غير حاصل ، فيكون الحكم منحصرا بالحلّية.
وبالجملة ، إنّ المانع من شمول هذه الأخبار موارد العلم الإجمالي هو لزوم التناقض ، وهو منتف لأنّه مبني على أن يكون المراد بالعلم أعمّ من العلم التفصيلي ، والإجمالي ، وليس الأمر كذلك ، كما تقدّم لظهور(بعينه) في العلم التفصيلي.
(قلت : أمّا قوله عليهالسلام : (كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه) ، فلا يدلّ على ما ذكرت ، لأنّ قوله عليهالسلام : (بعينه) تأكيد للضمير جيء به للاهتمام في اعتبار العلم ... إلى آخره).
وتوضيح ما ذكره في الجواب يحتاج إلى مقدّمة وهي : إنّ التقييد باعتبار ما يرجع إليه
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠. التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٩. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.