والمسلّم منه ما إذا لم يسبق التكليف بمعيّن ، أو يسبق التكليف بالفعل حتى يكون المأتي به
____________________________________
الهلال أم لا ، فإنّه على تقدير التعلّق يكون متعلّقه مردّدا بين الأمرين ، ومتعلّق التكليف فيهما يكون من مقولة الفعل ، والفرق إنّما هو في ثبوت العلم الإجمالي وعدمه.
ولا يخفى أنّ ذكر القسم الثاني والأخير إنّما هو من باب استيفاء الأقسام ، وإلّا فهو غير مربوط بالمقام.
وكيف كان ، فلا إشكال في جواز ارتكاب الجميع في القسم الثاني ، كما أنّه لا إشكال في جواز ترك الجميع في القسم الأخير ، لأنّه ليس فيهما مخالفة قطعيّة حتى يستعلم أنّه على سبيل التدريج أو الدفعة.
وأمّا القسم الأوّل ، فهو لكون التكليف فيه واحدا لا يكون إلّا من واحد الواقعة ، فلا يجوز صدور الترخيص من الشارع في المخالفة القطعيّة بالنسبة إليه ، وهذا بخلاف القسم الثالث ، فإنّ المخالفة القطعيّة فيه على سبيل التدريج لا يكون إلّا في واقعتين لكون التكليف فيه متعدّدا ، فيجوز صدور التخيير الظاهري الاستمراري من الشارع في كلّ ما هو من هذا القسم كالظهر والجمعة.
فإن قلت : إنّ القسم الثالث ، كما يكون من متعدّد التكليف حتى يفرض فيه بسببه تعدّد الواقعة ـ كما في الظهر والجمعة ـ كذلك يكون من واحد التكليف أيضا ، كما في الحج ، فإنّه لا يجب إلّا دفعة واحدة ، فإذا فرض أنّ متعلّق الوجوب فيه تردّد بين أمرين كالقران والإفراد ، فهو ـ حينئذ ـ من واحد الواقعة لوحدة التكليف فيه ، فيلحق في الحكم بالقسم الأوّل ، ولا يتمّ كلّي المدّعى في القسم الثالث ، أعني : كونه مطلقا من متعدّد الواقعة.
قلت : إنّ محلّ الكلام في المقام إنّما هو المخالفة القطعيّة على سبيل التدريج ، وهو في القسم الثالث ، أعني : الشبهة الوجوبيّة لا تتمّ إلّا بعد تعدّد التكليف ، وما هو مفروض في مثال الحجّ لا يتعقّل فيه المخالفة القطعيّة على سبيل التدريج ، لأنّه إن أتى بكلا الفردين فهو موافقة قطعيّة ، وإن أتى بأحدهما فهو مخالفة احتماليّة ، وإن ترك كليهما فهو وإن كان مخالفة قطعيّة لكنّها ثابتة دفعة لا تدريجا ، فثبت أنّ التخيير الظاهري الاستمراري الثابت في الشبهة الوجوبيّة المقرونة بالعلم الإجمالي ممّا لا ربط له بالمقام.
وممّا ذكرنا ظهر أنّ قول المصنّف قدسسره : (والمسلّم منه ما إذا لم يسبق ... إلى آخره) إشارة