وليس الأمر بالبناء على كون أحد المشتبهين هو الخلّ أمرا بالبناء على كون الآخر هو الخمر ، فليس في الروايات من البدليّة عين ولا أثر ، فتدبّر.
احتجّ من جوّز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام ومنع عنه بوجهين :
____________________________________
(وليس الأمر بالبناء على كون أحد المشتبهين هو الخلّ أمرا بالبناء على كون الآخر هو الخمر).
أي : ليس لازم أمر الشارع بالبناء على كون أحد المشتبهين هو الخلّ أمرا منه بالبناء على كون الآخر هو الخمر ، بل البناء على كون الآخر هو الخمر من العقل ، فالملازمة بين البناء على خلّيّة أحدهما وخمريّة الآخر عقليّة لا شرعيّة ، (فليس في الروايات من البدليّة عين ولا أثر ، فتدبّر).
قوله : (فتدبّر) لعلّه إشارة إلى أنّ الملازمة بين البناء على خلّيّة أحدهما وخمريّة الآخر ، وإن كانت عقليّة ، إلّا أنّها ناشئة من شمول أخبار الحلّ مورد العلم الإجمالي وحكم الشارع بكون أحد المشتبهين موضوعا محلّلا ، فترجع الملازمة بالآخرة إلى الشرع ، فالأولى في الجواب أن يقال : بأنّ أخبار الحلّ مختصّة بالشبهات البدويّة ، ولا تشمل مورد العلم الإجمالي ، فتنبّه.
(احتجّ من جوّز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام والمنع عنه بوجهين).
وقد تقدّم الوجهان على عدم وجوب الموافقة القطعيّة مع جوابهما ، واحتجّ من جوّز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام ـ حيث لم يقل بوجوب الموافقة القطعيّة ـ بوجهين آخرين ، وبذلك يكون مجموع ما استدلّ به على عدم وجوب الموافقة القطعيّة إلى الآن هي وجوه أربعة.
وقبل تقريب ما استدلّ به من جوّز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام من الوجهين نقول : إنّ مدّعاه مركّب من أمرين :
أحدهما : هو الجواز.
وثانيهما : هو المنع.
أي : جواز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام ، والمنع عن ارتكاب مقدار الحرام ، فإذا فرضنا مقدار الحرام واحدا ، وكان مشتبها في أمرين جاز ارتكاب أحدهما فقط ، وإن كان مشتبها