خلطه الحرام فلا تأكل ، وأمّا ما لم تعلم فكل) (١) ، فإنّ الخلط يصدق مع الاشتباه.
ورواية ابن سنان : (كلّ شيء حلال حتى يجيئك شاهدان أنّ فيه الميتة) (٢) ، فإنّه يصدق على مجموع قطعات اللحم أنّ فيه الميتة.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله في حديث التثليث : (وقع في المحرّمات ، وهلك من حيث لا يعلم) (٣) ، بناء على أنّ المراد بالهلاكة ما هو أثر للحرام.
فإن كان الحرام لم يتنجّز التكليف به ، فالهلاك المترتّب عليه منقصته الذاتيّة ، وإن كان ممّا يتنجّز التكليف به ، كما في ما نحن فيه ، كان المترتّب عليه هو العقاب الاخروي ، وحيث إنّ دفع العقاب المحتمل واجب بحكم العقل وجب الاجتناب عن كلّ مشتبه بالشبهة المحصورة ، ولمّا كان دفع الضرر ـ غير العقاب ـ غير لازم إجماعا ، كان الاجتناب عن الشبهة المجرّدة غير واجب ، بل مستحبّا.
____________________________________
وأمّا ما لم تعلم فكل) الحديث.
والمستفاد من هذه الرواية ، هو وجوب الاجتناب عمّا يعلم من الحرام ، وذلك لأنّ موردها وإن كان هو خلط الحلال بالحرام ، إلّا أنّ الخلط يصدق مع الاشتباه لو لم نقل بكونه ظاهرا في الامتزاج ليكون خارجا عن المقام.
فتدلّ هذه الرواية إذن على وجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة.
(ورواية ابن سنان : (كلّ شيء حلال حتى يجيئك شاهدان أنّ فيه الميتة)).
والمستفاد منها مفهوما هو وجوب الاجتناب عن اللحم إذا علم فيه الميتة ، سواء كان العلم حاصلا من البيّنة أو من غيرها ، وكان العلم بها تفصيليّا أو إجماليّا.
(ومنها قوله صلىاللهعليهوآله في حديث التثليث :) من أخذ بالشبهات (وقع في المحرّمات ، وهلك من حيث لا يعلم) ، بناء على أنّ المراد بالهلاكة ما هو أثر للحرام).
وهو العقاب في مورد العلم الإجمالي والمنقصة الذاتيّة ، كالسكر مثلا في الشبهة
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٦. السرائر ٣ : ٥٩٠ ، الوسائل ٢٤ : ٢٣٦ ، أبواب الأطعمة المحرّمة ، ب ٦٤ ، ح ١.
(٢) الكافي ٦ : ٣٣٩ / ٢. البحار ٦٢ : ١٥٦ / ٣٠. الوسائل ٢٥ : ١١٨ ، أبواب الأطعمة المباحة ، ب ٦١ ، ح ٢ ، وفي جميعها ورد الحديث عن عبد الله بن سليمان ، وليس عن ابن سنان.
(٣) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠. الفقيه ٣ : ٦ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٥٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٩.