الثالث : إنّه لا شكّ في حكم العقل والنقل برجحان الاحتياط مطلقا حتى فيما كان هناك أمارة على الحلّ مغنية عن أصالة الإباحة ، إلّا إنّه لا ريب في أنّ وجوب الاحتياط في الجميع موجب لاختلال النظام ، كما ذكره المحدّث المتقدّم.
بل يلزم أزيد ممّا ذكره فلا يجوز الأمر به من الحكيم لمنافاته للغرض والتبعيض بحسب
____________________________________
التفصيل ، بل يجري في الشبهة الموضوعيّة أيضا ، بل لا يتمّ إلّا في الشبهة الموضوعيّة ؛ لأنّ وجوب المقدّمة فرع لوجوب ذيها ، وهو ثابت في الشبهة الموضوعيّة دون الشبهة الحكميّة ، وذلك لأنّ ورود النهي في الشبهة الموضوعيّة ؛ كالنهي عن الخمر معلوم ، ولا يتمّ وجوب الاجتناب عن الخمر إلّا بالاجتناب عن كلّ محتمل الخمريّة ، وهذا بخلاف الشبهة الحكميّة حيث يكون النهي فيها مشكوكا بالفرض ، فلم يثبت وجوب الاجتناب عمّا لا يعلم ورود النهي فيه حتى يجب ما لا يتمّ الاجتناب إلّا به من باب المقدّمة.
فالمتحصّل من الجميع هو عدم تماميّة ما استدل به الحرّ العاملي قدسسره على التفصيل المذكور.
(الثالث : إنّه لا شكّ في حكم العقل والنقل برجحان الاحتياط مطلقا حتى فيما كان هناك أمارة على الحلّ مغنية عن أصالة الإباحة ... إلى آخره).
وحاصل ما أفاده المصنّف قدسسره في الأمر الثالث هو رجحان الاحتياط وحسنه في جميع موارد الشبهات الحكميّة والموضوعيّة معا ، ومقتضى حسن الاحتياط في جميع الموارد هو العمل بالاحتياط في جميع الموارد ، بحيث لا يبقى مجال للرجوع إلى البراءة وأصالة الإباحة ، إذ الرجوع إليها يكون على خلاف الاحتياط ، فالأولى ما ذكره الأخباريّون من القول بالاحتياط.
إلّا إنّ الاحتياط في جميع الموارد موجب لاختلال النظام ، بل موجب للتكليف بما لا يطاق ، كما أشار إليه بقوله :
(بل يلزم أزيد ممّا ذكره فلا يجوز الأمر به من الحكيم لمنافاته للغرض) وهو حفظ النظام.
وحينئذ فلا بدّ من الجمع بين حسن الاحتياط وحفظ النظام ، والجمع لا يمكن إلّا بالتبعيض في الاحتياط.
ثمّ إنّ التبعيض فيه يمكن أن يكون بحسب الموارد ، أو بحسب الاحتمالات أو بحسب