به وكان مقدورا فهو واجب إلى غير ذلك من الوجوه ، وإن أمكن المناقشة في بعضها ، فمجموعها دليل كاف شاف في هذا المقام ، والله أعلم بحقائق الامور والأحكام» انتهى.
أقول : الدليل المذكور أولى بالدلالة على وجوب الاجتناب من الشبهة في طريق الحكم ، بل لو تمّ لم يتمّ إلّا فيه ، لأنّ وجوب الاجتناب عن الحرام لم يثبت إلّا بدليل حرمة ذلك الشيء ، أو أمر وجوب إطاعة الأوامر والنواهي ممّا ورد في الشرع وحكم به العقل ، فهي كلّها تابعة لتحقّق الموضوع ، أعني : الأمر والنهي ، والمفروض الشكّ في تحقّق النهي ، وحينئذ فإذا فرض عدم الدليل على الحرمة فأين وجوب ذي المقدّمة حتى يثبت وجوبها؟
نعم ، يمكن أن يقال في الشبهة في طريق الحكم بعد ما قام الدليل على حرمة الخمر : يثبت وجوب الاجتناب عن جميع أفرادها الواقعيّة ، ولا يحصل العلم بموافقة هذا الأمر العام إلّا بالاجتناب عن كلّ ما احتمل حرمته.
لكنّك عرفت الجواب عنه سابقا ، وأنّ التكليف بذي المقدّمة غير محرز إلّا بالعلم التفصيلي أو الإجمالي ، فالاجتناب عمّا يحتمل الحرمة احتمالا مجرّدا عن العلم الإجمالي لا يجب لا نفسا ولا مقدّمة ، والله العالم.
____________________________________
الواقعي واجب عقلا وشرعا ولا يتمّ إلّا بالاجتناب عن كلّ ما يحتمل تحريمه ممّا اشتبه حكمه الشرعي ، سواء كان الاشتباه فيه من جهة عدم النصّ ، أو تعارض النصّين أو إجماله ، كما أشار إلى الأخير بقوله : (ومن الأفراد الغير الظاهرة) أي : من الأفراد المحتملة فرديّتها لموضوع الحرمة ، كبعض الأصوات المحتمل كونه فردا للغناء المحرّم.
فالحاصل هو وجوب الاجتناب عن كلّ ما يحتمل تحريمه من باب ما لا يتمّ الواجب إلّا به على القول بوجوب ما لا يتمّ الواجب إلّا به.
هذا تمام الكلام في الوجوه التي استدل بها الحرّ العاملي قدسسره على ما تقدّم من التفصيل ، ثمّ قال : إنّ المناقشة في بعض هذه الوجوه وإن كان ممكنا إلّا إنّ مجموعها كاف في مثل ذلك التفصيل.
(أقول : الدليل المذكور أولى بالدلالة على وجوب الاجتناب من الشبهة في طريق الحكم ... إلى آخره).
وملخّص إيراد المصنّف قدسسره على هذا الدليل هو أنّ الدليل المذكور لا يدلّ على