نعم ، قد يمنع الابتلاء دفعة في التدريجيّات ، كما في مثال الحيض ، فإنّ تنجّز تكليف الزوج بترك وطء الحائض قبل زمان حيضها ممنوع ، فإنّ قول الشارع : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(١) ، ظاهر في وجوب الكفّ عند الابتلاء بالمحائض.
إذ الترك قبل الابتلاء حاصل بنفس عدم الابتلاء ، فلا يطلب ، فهذا الخطاب ، كما أنّه مختصّ بذوي الأزواج ولا يشمل العزّاب ، إلّا على وجه التعليق ، فكذلك من لم يبتل بالمرأة الحائض.
ويشكل الفرق بين هذا وبين ما إذا نذر ، أو حلف في ترك الوطء في ليلة خاصّة ، ثمّ اشتبهت بين ليلتين أو أزيد.
____________________________________
الحائض ، كما أشار إليه بقوله :
(فإن تنجّز تكليف الزوج بترك وطء الحائض قبل زمان حيضها ممنوع).
لأنّ التكليف كذلك تكليف بغير مقدور وهو قبيح عقلا.
ولهذا يكون قول الشارع : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) الآية ، ظاهرا في وجوب الاعتزال عند الابتلاء(بالمحائض ، إذ الترك قبل الابتلاء حاصل بنفس عدم الابتلاء) فلا يمكن طلب الترك قبل الابتلاء ، لأنّه طلب للحاصل ، وطلب الحاصل محال.
فهذا الطلب لا يشمل من لم يبتل بالحائض ، كما(لا يشمل العزّاب ، إلّا على وجه التعليق) بالتزويج والابتلاء(ويشكل الفرق بين هذا وبين ما إذا نذر ، أو حلف في ترك الوطء في ليلة خاصّة ، ثمّ اشتبهت بين ليلتين أو أزيد).
وحاصل الإشكال أنّه لا فرق بين مثال الحائض ومثال النذر في ترك الوطء ، حيث يكون الوطء في الليلة الثانية أو الثالثة في مثال النذر ، كالوطء في آخر الشهر في مثال الحيض خارجا عن محلّ الابتلاء ، فلا يكون التكليف بترك الوطء فعليّا على كلّ تقدير في كلا المثالين.
ولازم ذلك عدم وجوب الاحتياط فيهما ، مع أنّ الاصوليين أوجبوا الاحتياط في مثال النذر ، وهكذا في مثال علم التاجر إجمالا بابتلائه في يومه أو شهره بمعاملة ربويّة ، فمن
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.