وكذا دعوى اشتراط التكليف بالعلم بتوجّه خطاب تفصيلي ، فإنّ المناط في وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة عدم جواز إجراء أصل البراءة في المشتبهين ، وهو ثابت في ما نحن فيه ، ضرورة عدم جواز جريان أصالة الحلّ في كشف كلّ من قبلي الخنثى ، للعلم بوجوب حفظ الفرج من النظر والزنا على كلّ أحد.
فمسألة الخنثى نظير المكلّف المردّد بين كونه مسافرا أو حاضرا ، لبعض الاشتباهات ، فلا يجوز له ترك العمل بخطابيهما.
____________________________________
(وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)(١) بالنسبة إلى الرجال ، (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ)(٢) بالنسبة إلى النساء(للخنثى كما ترى) ، لأنّ ندرة وجودها بعد فرض دخولها في أحد الفريقين لا توجب الانصراف ، بل الموجب له هو كثرة الاستعمال فيهما دونها ، وهي غير ثابتة ، بل منتفية.
نعم ، على القول بكونها طبيعة ثالثة خارجة عن الفريقين لا يبعد الانصراف المذكور لأجل ندرتها وكثرتهما.
ثمّ إنّ المصنّف قدسسره أشار إلى ضعف الدعوى الثانية بقوله :
(وكذا دعوى اشتراط التكليف بالعلم بتوجّه خطاب تفصيلي ... إلى آخره).
مدفوعة بأنّ المناط في وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة ليس ما ذكر من العلم تفصيلا بتوجّه الخطاب إلى المكلّف ، بل المناط هو عدم جواز إجراء أصالة الإباحة في أطراف العلم الإجمالي في الشبهة المحصورة بعد حكم العقل بتنجّز التكليف بالعلم الإجمالي ، وهذا المناط موجود في المقام بالنسبة إلى الخنثى أيضا ، ولذلك لا يجوز لها إجراء أصالة الحلّ في كشف كلّ من قبليها بعد علمها إجمالا بتوجّه أحد خطابي الرجال أو النساء إليها.
(فمسألة الخنثى نظير المكلّف المردّد بين كونه مسافرا أو حاضرا ، لبعض الاشتباهات).
كما لو شكّ في كون ما قطعه من الطريق مقدار المسافة الشرعيّة أو لا ، حيث يعلم إجمالا بتوجّه أحد خطابي الحاضر أو المسافر إليه ، فكما لا يجوز له ترك العمل
__________________
(١) النور : ٣٠.
(٢) النور : ٣١.