نفس الدليل الخاصّ التحريمي الموجود في ذلك الموضوع ، والمفروض أنّ ثبوت التحريم لذلك الموضوع مسلّم ، ولا يرد منه حرج على الأغلب ، وأنّ الاجتناب في صورة اشتباهه ـ أيضا ـ في غاية اليسر ، فأيّ مدخل للأخبار الواردة في أنّ الحكم الشرعي يتبع الأغلب في اليسر والعسر.
وكأنّ المستدلّ بذلك جعل الشبهة الغير المحصورة واقعة واحدة ، مقتضى الدليل فيها
____________________________________
الشبهة غير المحصورة عنوان كلّي يشمل كلّ ما يشتبه بين امور غير محصورة ، كالخمر المشتبه ، والنجس المشتبه ، وغيرهما ، حيث يكون هذا العنوان الكلّي إشارة إلى موضوعات متعدّدة لأحكام متعدّدة بتعدّد موضوعاتها.
(والمقتضي للاحتياط في كلّ موضوع هو نفس الدليل الخاصّ التحريمي الموجود في ذلك الموضوع).
كقول الشارع : اجتنب عن الخمر ، في الخمر المشتبه بين امور غير محصورة ، و : اجتنب عن النجس ، في النجس المشتبه كذلك ، وغيرهما ، ولا يرد من تحريم موضوع من الموضوعات المذكورة حرج على أغلب المكلّفين ، حتى يرتفع الحكم بوجوب الاجتناب رأسا ، بل لا يلزم الحرج في مورد اشتباه الموضوع بين امور ، فلو لزم الحرج في مورد فرضا يرتفع وجوب الاجتناب في مورد الحرج فقط.
ثمّ إنّ من استدلّ على عدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة بما ذكر في التوهّم من دوران الأحكام مدار السهولة الغالبيّة جعل عنوان الشبهة غير المحصورة واقعة واحدة ، كسائر الموضوعات ، ثمّ قال : إنّ مقتضى الدليل فيها وجوب الاحتياط لو لا العسر ، كما أنّ الصوم في السفر واقعة واحدة ، مقتضى الدليل فيها ـ وهو قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(١) ـ وجوبه لو لا العسر ، إلّا أنّه ارتفع وجوب الصوم في السفر للعسر الغالبي ، فكذلك في الشبهة غير المحصورة ارتفع وجوب الاحتياط للعسر الغالبي ، هذا ما أشار إليه بقوله :
(وكأنّ المستدلّ بذلك جعل الشبهة الغير المحصورة واقعة واحدة.
__________________
(١) البقرة : ١٨٣.