جبن غيره من الأماكن ، ولا كلام في ذلك ، لا أنّه لا يوجب الاجتناب عن كلّ جبن يحتمل أن يكون من ذلك المكان ، فلا دخل له بالمدّعى ، وأمّا قوله : (ما أظنّ كلّهم يسمّون) فالمراد منه عدم وجوب الظنّ ، أو القطع بالحلّية ، بل يكفي أخذها من سوق المسلمين ، بناء على أنّ السوق أمارة شرعيّة لحلّ الجبن المأخوذ منه. ولو من يد مجهول الإسلام ، إلّا أن يقال : إنّ سوق المسلمين غير معتبر مع العلم الإجمالي بوجود الحرام ، فلا مسوّغ للارتكاب إلّا كون
____________________________________
جبن غيره من الأماكن).
لأنّ المعلوم والمتيقّن هو وجوب الاجتناب عن جبن ذلك المكان المخصوص الذي يجعل فيه الميتة في الجبن ، لا الاجتناب عن جبن غيره من الأماكن ، لأنّ جعل الميتة في جبن غيره من سائر الأماكن مشكوك بالشكّ البدوي ، فيحكم بحلّية الأجبان في غير ذلك المكان المخصوص ، فحينئذ لا دخل لقول الإمام بالمدّعى أصلا ، لأنّ المدّعى هو جواز ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة ، وقول الإمام عليهالسلام يدلّ على الجواز والحلّية في الشبهة البدويّة.
وأمّا الجواب عن الاستدلال بالمورد الثاني ، فلأنّ عدم وجوب الاجتناب عمّا في سوق المسلمين وجواز الاشتراء منه ليس من جهة عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة حتى يكون دليلا على جواز ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة ، بل يكون عدم وجوب الاجتناب وجواز الارتكاب من جهة أمارة الحلّ وهي سوق المسلمين ، فالحكم بحلّية ما يشترى من السوق يكون لأجل كون السوق أمارة معتبرة على الحلّية ، فيحكم بحلّية ما يؤخذ من السوق (ولو من يد مجهول الإسلام) ، لأنّ إسلام أهل السوق كلّهم أو جلّهم أمارة على إسلام مجهول الحال ، فيجوز الاشتراء منه ، كما يجوز من معلوم الحال.
(إلّا أن يقال : إنّ سوق المسلمين غير معتبر مع العلم الإجمالي بوجود الحرام).
بمعنى أنّ العلم الإجمالي ، كما يكون مانعا عن الرجوع إلى الاصول العمليّة والعمل بها ، كذلك يمنع عن الرجوع إلى الأمارات والعمل بها ، فتسقط عن الاعتبار.
(فلا مسوّغ للارتكاب إلا كون الشبهة غير محصورة).
إلّا أن يقال : إن قياس سقوط الأمارات عن الاعتبار بالاصول العمليّة في مورد العلم