لاعترض السّوق فاشتري اللحم والسّمن والجبن ، والله ما أظنّ كلّهم يسمّون ، هذه البربر وهذه السودان) (١) ، الخبر ، فإنّ قوله : (أمن أجل مكان واحد) الخبر ، ظاهر في أنّ مجرّد العلم بوجود الحرام لا يوجب الاجتناب عن محتملاته ، وكذا قوله عليهالسلام : (والله ما أظنّ كلّهم يسمّون) ، فإنّ الظاهر منه إرادة العلم بعدم تسمية جماعة حين الذبح ، كالبربر والسودان.
إلّا أن يدّعى أنّ المراد أنّ جعل الميتة في الجبنّ في مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن
____________________________________
جواب الإمام عليهالسلام بقوله :
(أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة ، حرّم جميع ما في الارض ... إلى آخره).
ظاهر في جواز ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة ، فيدلّ على عدم كون العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة مانعا عن الحكم بالحلّية. إلى أن قال عليهالسلام : (والله إنّي لاعترض السوق فاشتري اللحم والسمن والجبن ... إلى آخره).
وهذا الكلام من الإمام عليهالسلام يؤيّد ، بل يدلّ على جواز ارتكاب أطراف العلم الإجمالي بوجود الحرام أو النجس ، لأنّه عليهالسلام يقول : إنّي أدخل السوق ، فاشتري اللحم مع العلم إجمالا بوجود الميتة ، لأجل انتفاء التسمية من بعض أهل البادية والسودان ، فكلامه عليهالسلام (والله ما أظنّ كلّهم يسمّون) ظاهر عند أهل العرف في العلم بانتفاء التسمية من بعض هؤلاء ، والعلم الإجمالي بنجاسة بعض ما يباع في السوق.
وبالجملة ، إنّ الاستدلال على عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة يكون بموردين من كلام الإمام عليهالسلام في هذه الرواية :
أحدهما : قوله عليهالسلام : (أمن مكان واحد ... إلى آخره).
وثانيهما : قوله عليهالسلام : (والله إنّي لاعترض السوق) إلى قوله عليهالسلام : (والله ما أظنّ كلّهم يسمّون ... إلى آخره).
فلا بدّ من الجواب عن الاستدلال بكلا الموردين :
أمّا الجواب عن الاستدلال بالمورد الأوّل ، فقد أشار إليه بقوله :
(إلّا أن يدّعى أنّ المراد أنّ جعل الميتة في الجبن في مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن
__________________
(١) المحاسن ٢ : ٢٩٦ / ١٩٧٦. الوسائل ٢٥ : ١١٩ ، أبواب الأطعمة المباحة ، ب ٦١ ، ح ٥ ، بتفاوت فيهما.