بذلك ، كما يشهد به جواز التكليف بالمجمل في الجملة ، كما اعترف به غير واحد ممّن قال بالبراءة في ما نحن فيه ، كما سيأتي.
وإن كان من جهة كونه غير قابل لتوجّه التكليف إليه فهو أشدّ منعا ، وإلّا لجاز إهمال المعلوم إجمالا رأسا بالمخالفة القطعيّة ، فلا وجه لالتزام حرمة المخالفة القطعيّة ،
____________________________________
الاحتياط وحسنه ممّا قضت به ضرورة العقل والشرع ، فالمقدّم ـ أيضا ـ باطل.
وبذلك تكون النتيجة عدم كون الجهل مانعا عن امتثال التكليف ، وقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(فلا استقلال للعقل بذلك).
أي : بكون الجهل مانعا عن الامتثال ، لأنّ المكلّف قادر على الامتثال بالاحتياط على ما تقدّم.
(كما يشهد به جواز التكليف بالمجمل في الجملة).
أي : يشهد بعدم كون الجهل عذرا عقلا للجاهل لتمكّنه من امتثال التكليف المعلوم إجمالا ، فلا يكون تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي مستلزما للتكليف بما لا يطاق ، ويشهد بذلك جواز التكليف بالمجمل في الجملة ، بأن يكون ما يستفاد من المجمل مردّدا بين امور يتمكّن المكلّف من إتيانها احتياطا ، فيأتي بها تحصيلا للعلم بالبراءة ، كالصلاة إلى أربعة جهات عند اشتباه القبلة مثلا ، ولم يكن الخطاب مجملا بحيث لا يتمكّن المكلّف من الامتثال أصلا ، كما لو قيل : جئني بشيء مثلا ، هذا أوضح ما يمكن أن يقال في تفسير قوله : (في الجملة). وهناك تفاسير واحتمالات أخر أضربنا عنها تجنبا عن التطويل.
وأمّا عدم وجود الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة في المانع العقلي فقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(وإن كان من جهة كونه غير قابل لتوجّه التكليف إليه فهو أشد منعا).
وذلك لأنّ الجاهل في المقام ليس أسوأ حالا من الجاهل البسيط ، وقد صحّ توجّه الخطاب إليه ، ومخاطبته بالضرورة والوجدان ، هذا أوّلا.
وثانيا : لأنّه لو لم يكن الجاهل في المقام قابلا لتوجّه الخطاب إليه ، لزم أن يكون العلم التفصيلي شرطا للتكليف ، كالبلوغ والعقل ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله ، والنتيجة هو كون