فلا تنافي بين كون الجهل مانعا والتكليف في حاله ، وإنّما الكلام في تكليف الجاهل مع وصف الجهل ، لأنّ المفروض في ما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم».
مدفوعة برجوعها ـ حينئذ ـ إلى ما تقدّم من دعوى كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به نظير الجنابة ، وقد تقدّم بطلانها.
وأمّا النقل ، فليس فيه ما يدلّ على العذر ، لأنّ أدلّة البراءة غير جارية في المقام ، لاستلزام
____________________________________
الجهل ثمّ الإتيان بالواقع.
وبعبارة اخرى : إنّ الجهل مانع عن تنجّز التكليف ، ولا يتنجّز إلّا بالعلم فيكون الجاهل المقصّر مكلّفا برفع هذا المانع ، لكي يتنجّز التكليف عليه ، ويأتي بالواقع.
(فلا تنافي بين كون الجهل مانعا) عن تنجّز التكليف ، وبين التكليف برفع هذا المانع حال وجوده ، لكي يتنجّز التكليف ، ويتمكّن من إتيان الواقع ، وهذا ممكن في الجاهل المقصّر ، وإنّما الكلام في الجاهل القاصر حيث لا يمكن تكليفه برفع الجهل.
ثمّ إنّ الإتيان بالواقع (لأنّ المفروض في ما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم) ، أي : عجز الجاهل القاصر عن تحصيل العلم ، فلا يجوز تكليفه برفع الجهل وتحصيل العلم ، لأنّه تكليف بما لا يطاق ، فحاصل الكلام هو جواز تكليف الجاهل المقصّر حال الجهل على ما تقدّم تفصيله ، ولهذا يعاقب على المخالفة ، وهذا بخلاف الجاهل القاصر حيث لا يجوز تكليفه حال الجهل ، ولهذا يكون عقابه قبيحا عقلا. هذا تمام الكلام في تقريب الدعوى ، وقد أشار المصنّف قدسسره إلى دفعها بقوله :
(مدفوعة برجوعها ـ حينئذ ـ إلى ما تقدّم من دعوى كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به).
وحاصل الدفع ، هو أنّ الدعوى المذكورة ترجع إلى أنّ الجهل موجب لعدم القدرة ، فعدمه شرط لوجود المأمور به حيث يتمكّن المكلّف من الإتيان به ، ولازمه أنّ العلم التفصيلي شرط لوجود المأمور به ، وهو باطل ـ كما عرفت ـ لأنّ العلم تفصيليّا كان أو إجماليّا شرط لتنجيز التكليف لا لوجوده ، ولا لوجود المأمور به. هذا تمام الكلام في انتفاء المانع العقلي.
(وأمّا النقل ، فليس فيه ما يدلّ على العذر).