ووجه اندفاع هذا التوهّم ـ مضافا إلى أنّ غاية ما يلزم من ذلك عدم التمكّن من تمام الاحتياط في العبادات ، حتى من حيث مراعاة قصد التقرّب المعتبر في الواجب الواقعي ـ
____________________________________
وبه يندفع التوهّم ، وهو أنّ الجمع بين المحتملين وإتيان كلّ واحد منهما بقصد الوجه ، أي : الوجوب والقربة إلى الله تعالى مستلزم للتشريع بالنسبة إلى ما لم يكن واجبا في الواقع ، إذ إتيان ما ليس بواجب بقصد الوجوب تشريع محرّم عقلا وشرعا ، ولكن هذا التوهّم مندفع على ما اختاره المصنّف قدسسره في كيفيّة قصد الوجه والقربة من الطريق الثاني.
نعم ، لهذا التوهّم مجال على الوجه الأوّل ، حيث يأتي المكلّف بكلّ واحد منهما مع قصد الوجه والقربة ، مع العلم بكون أحدهما ممّا ليس بواجب ، فيتحقّق ـ حينئذ ـ إتيان ما ليس بواجب بقصد كونه واجبا ، وهو تشريع محرّم ، لأنّ التشريع هو إدخال ما لم يعلم كونه من الدين في الدين ، والمكلّف لا يعلم كون خصوص كلّ واحد من المشتبهين من الدين ، فيكون إتيان كلّ واحد منهما بقصد الوجوب وكونه من الدين تشريعا ، فتأمّل جيدا.
(ووجه اندفاع هذا التوهّم).
يذكر المصنّف قدسسره لاندفاع التوهّم المذكور وجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله :
(مضافا إلى أنّ غاية ما يلزم من ذلك عدم التمكّن من تمام الاحتياط في العبادات ... إلى آخره).
وحاصل هذا الوجه أنّ المكلّف لا يتمكّن من إتيان الواجب الواقعي في المقام مع قصد التقرّب بخصوصه إلى الله تعالى ، وذلك لاشتباه الواجب الواقعي بين أمرين ، فيدور إتيان المكلّف بالواجب المردّد بين أمرين أو امور :
منها : أن يأتي بكلّ واحد منهما مع قصد التقرّب ، وهذا الاحتمال ممّا يتحقّق به الاحتياط التامّ لكونه مستلزما لإتيان الواجب الواقعي مع قصد القربة ، وذلك لكون أحد الاحتمالين واجبا في الواقع إلّا أنّه مستلزم للتشريع المحرّم ، فيكون باطلا من جهة التشريع ، ولهذا لم يذكره المصنّف قدسسره.
ومنها : هو الاقتصار على أحد المحتملين بأن يأتي المكلّف بأحدهما مع قصد التقرّب ، فيكون مرجع هذا الاحتمال إلى التخيير.