وممّا ذكرنا يندفع توهّم أنّ الجمع بين المحتملين مستلزم لإتيان غير الواجب على جهة العبادة ، لأنّ قصد القربة المعتبر في الواجب الواقعي لازم المراعاة في كلا المحتملين ليقطع بإحرازه في الواجب الواقعي.
ومن المعلوم أنّ الإتيان بكلّ من المحتملين بوصف أنّها عبادة مقرّبة يوجب التشريع بالنسبة إلى ما عدا الواجب الواقعي فيكون محرّما ، فالاحتياط غير ممكن في العبادات ، وإنّما يمكن في غيرها من جهة أنّ الإتيان بالمحتملين لا يعتبر فيهما قصد التعيين والتقرّب ، لعدم اعتباره في الواجب الواقعي المردّد ، فيأتي بكلّ منهما لاحتمال وجوبه.
____________________________________
إلى وجود المصلحة ، فلهذا لا يوجب قصده التقرّب. هذا تمام الكلام في ما ذكر من الطريقين لقصد الوجوب والقربة.
ثمّ إنّ الثمرة بينهما مع قطع النظر عن الإشكال على الطريق الأوّل تظهر فيما لو أتى بالظهر مثلا ؛ أوّلا من دون قصد الإتيان بالجمعة بعدها لتحصيل الواجب الواقعي ، بل ومع قصد عدمه ، فتصحّ الظهر ـ حينئذ ـ على الطريق الأوّل دون الطريق الثاني لفرض تعلّق الوجوب الشرعي على كلّ واحدة منهما ، فيصحّ الإتيان بكلّ واحدة منهما ولو مع القصد إلى عدم الإتيان بالاخرى ، وهذا بخلاف الطريق الثاني حيث لا تصحّ الظهر مع عدم قصد الإتيان بالجمعة ، لأنّ وجوب كلّ واحدة منهما يكون ـ حينئذ ـ من باب المقدّمة ، فلا يصحّ قصد التقرّب بالواجب الواقعي ـ حينئذ ـ مع عدم قصد الإتيان بالاخرى عند الإتيان بالاولى ، هذا ما في الأوثق بتصرّف منّا.
(وممّا ذكرنا يندفع توهّم أنّ الجمع بين المحتملين مستلزم لإتيان غير الواجب على جهة العبادة ... إلى آخره).
ولا بدّ أوّلا من ذكر ما ذكره المصنّف قدسسره ثمّ تقريب التوهّم كي يتّضح اندفاع التوهّم المزبور.
وأمّا ما ذكره المصنّف قدسسره فقد اختار الطريق الثاني في كيفيّة نيّة الوجه وقصد القربة ، حيث يحصل قصد الوجه والقربة بإتيان كلّ واحد منهما بقصد تحقّق الواجب بما أتى به أوّلا أو بما أتى به ثانيا ، متقرّبا بما هو الواجب واقعا إلى الله تعالى ، فلا يلزم التشريع ؛ لأنّ المكلّف قصد التقرّب بما هو الواجب في الواقع.