نعم ، هذا الإيراد متوجّه على ظاهر من اعتبر في كلّ من المحتملين قصد التقرّب والتعبّد به بالخصوص ، لكنّه مبنيّ ـ أيضا ـ على لزوم ذلك من الأمر الظاهري بإتيان كلّ منهما عبادة ، فيكون كلّ منهما واجب في مرحلة الظاهر.
كما إذا شكّ في الوقت أنّه صلّى الظهر أم لا ، فإنّه يجب عليه فعلها ، فينوي الوجوب والقربة وإن احتمل كونها في الواقع لغوا غير مشروع ، فلا يرد عليه إيراد التشريع ، إذ التشريع إنّما يلزم لو قصد بكلّ منهما أنّه الواجب واقعا ، المتعبّد به في نفس الأمر.
ولكنّك عرفت أنّ مقتضى النظر الدقيق خلاف هذا البناء ، وأنّ الأمر المقدّمي ـ خصوصا الموجود في المقدّمة العلميّة التي لا يكون الأمر بها إلّا إرشاديّا ـ لا يوجب موافقة التقرّب ولا يصير منشأ لصيرورة الشيء من العبادات إذا لم يكن في نفسه منها ، وقد تقدّم
____________________________________
المصنّف قدسسره وعلى فرض اعتباره لا يعتبر في خصوص كلّ واحد منهما ، بل يكفي قصده في ما هو الواجب واقعا ، وعلى هذا لا يلزم منه التشريع ، وما يلزم منه التشريع ـ وهو قصد الوجه في خصوص كلّ واحد منهما ـ لم يكن معتبرا ، فتأمّل تعرف.
(نعم ، هذا الإيراد متوجّه على ظاهر من اعتبر في كلّ من المحتملين قصد التقرّب والتعبّد به بالخصوص).
أي : إيراد لزوم التشريع متوجّه على من اعتبر قصد التقرّب والتعبّد بخصوص كلّ واحد منهما ، كما لا يخفى.
ثمّ أشار المصنّف قدسسره إلى الجواب عنه ، وهو عدم لزوم التشريع على من اعتبر قصد التقرّب والتعبّد بخصوص كلّ واحد منهما نظرا إلى ملاحظة الأمر الظاهري المتعلّق بكلّ واحد منهما ، فيصير كلّ واحد منهما عبادة ظاهرا وواجبا كذلك ، فينوي المكلّف وجوب كلّ منهما ويقصد القربة بكلّ منهما نظرا إلى الأمر الظاهري.
وبالجملة ، إنّ اعتبار قصد التقرّب والوجه بخصوص كلّ منهما ممّن اعتبره كذلك مبني على ملاحظة الأمر الظاهري المتعلّق بكلّ منهما ، وحينئذ لا يرد عليه إيراد لزوم التشريع ، ولكنّ المصنّف قدسسره يردّ هذا المبنى بقوله :
(ولكنّك عرفت أنّ مقتضى النظر الدقيق خلاف هذا البناء).
حيث تقدّم منه في الإيراد على الوجه الأول ما حاصله : أنّه لا يلزم من نيّة الوجوب