ثمّ أقول : هذا الحديث المتواتر بين الفريقين المشتمل على حصر الامور في الثلاثة وحديث (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (١) ، ونظائرهما ، أخرج كلّ واقعة لم يكن حكمها مبيّنا من البراءة الأصليّة وأوجب التوقّف فيها».
ثمّ قال ، بعد أن الاحتياط قد يكون في محتمل الوجوب وقد يكون في محتمل الحرمة : «إنّ عادة العامّة والمتأخّرين من الخاصّة جرت بالتمسّك بالبراءة الأصليّة ، ولمّا أبطلنا جواز التمسّك بها في المقامين ، لعلمنا بأن الله تعالى أكمل لنا ديننا وعلّمنا بأنّ كلّ واقعة يحتاج إليها ورد فيها خطاب قطعي من الله تعالى خال عن المعارض ، وبأنّ كلّ ما جاء به نبيّنا صلىاللهعليهوآله مخزون عند العترة الطاهرة ، ولم يرخّصوا لنا في التمسّك بالبراءة الأصليّة ، بل أوجبوا التوقّف في كلّ ما لم يعلم حكمه ، وأوجبوا الاحتياط في بعض صوره ، فعلينا أن نبيّن ما يجب أن يفعل في المقامين ، وسنحقّقه فيما يأتي إن شاء الله تعالى».
وذكر هناك ما حاصله : وجوب الاحتياط عند تساوي احتمال الأمر الوارد بين الوجوب
____________________________________
فاسد لأنّ نسبة الأجسام مختلفة ، فالخفيف يميل إلى العلو والثقيل إلى السفل ، إلى أن قال ما حاصله : من أنّ ما دلّ على وجوب التوقّف كحديث التثليث (وحديث (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ونظائرهما ، أخرج كلّ واقعة لم يكن حكمها مبيّنا من البراءة الأصليّة وأوجب التوقّف فيها).
فلا يبقى مجال للتمسّك بالبراءة الأصليّة بعد ما دلّ على وجوب الاحتياط أو التوقّف في الفعل المشتبه حكمه الواقعي.
(ثمّ قال : بعد أن الاحتياط قد يكون في محتمل الوجوب ، وقد يكون في محتمل الحرمة ... إلى آخره).
وهذا الكلام منه صريح في وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة.
نعم ، يظهر منه اختصاص وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة في صورة إجمال النصّ ، حيث قال ما حاصله :
(وجوب الاحتياط عند تساوي احتمال الأمر الوارد بين الوجوب والاستحباب).
__________________
(١) غوالي اللآلئ ١ : ٣٩٤ / ٤٠. الوسائل ٢٧ : ١٦٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٤٣. سنن النسائي ٨ : ٧٣٢ / ٥٧٢٧.