تعالى للحكم والمصالح لا ينافي ذلك.
لكن الإنصاف أنّ الاستصحاب لا يفيد الظنّ خصوصا في المقام ، كما سيجيء إن شاء الله تعالى في محلّه ولا أمارة غيره تفيد الظنّ ، فالاعتراض على مثل هؤلاء إنّما هو منع حصول الظنّ ومنع اعتباره على تقدير الحصول ، ولا دخل لإكمال الدين وعدمه ، ولا للحسن والقبح العقليّين في هذا المنع.
وكيف كان فيظهر من المعارج القول بالاحتياط ـ في المقام ـ عن جماعة ، حيث قال : «الاحتياط غير لازم ، وصار آخرون إلى لزومه وفصل آخرون» ، انتهى ، وحكى عن المعالم نسبته إلى جماعة.
فالظاهر أنّ المسألة خلافيّة ، لكن لم يعرف القائل به بعينه ، وإن كان يظهر من الشيخ والسيّدين ، رحمهمالله ، التمسّك به أحيانا ، لكن يعلم مذهبهم من أكثر المسائل ، والأقوى فيه جريان أصالة البراءة للأدلّة الأربعة المتقدّمة مضافا إلى الإجماع المركّب.
____________________________________
(وما ذكره من تبعيّة خطاب الله تعالى للحكم والمصالح لا ينافي ذلك).
أي : الظنّ ، فإنّ الظنّ الحاصل من الاستصحاب أو غيره كاشف عن أنّ المصلحة الكامنة في الفعل مقتضية للإباحة ، لأنّها كانت بقدرها ، إلّا إنّ الإنصاف هو توجّه الاعتراض على مثل هؤلاء إنّما هو من جهة منع حصول الظنّ من الاستصحاب أوّلا ، ومنع اعتبار هذا الظنّ على تقدير حصوله ثانيا ، لعدم الدليل على اعتباره.
والحاصل من الجميع هو أنّ المسألة خلافيّة ، ولكن الأقوى فيها :
(جريان أصالة البراءة للأدلّة الأربعة المتقدّمة مضافا إلى الإجماع المركّب).
إذ كلّ من قال بالاحتياط في الشبهة الوجوبيّة قال به في التحريميّة ، وكلّ من قال بالبراءة في الشبهة التحريميّة قال بها في الوجوبيّة ، ولم يقل أحد بالبراءة في الشبهة التحريميّة والاحتياط في الشبهة الوجوبيّة ، فالقول بالتفصيل بينهما خرق للإجماع المركّب ، كما في شرح الاستاذ الأعظم الاعتمادي دامت إفاداته.
إلّا إنّ المستفاد من المحقّق الآشتياني هو تحقّق الإجماع المركّب من جانب واحد ، أي : كلّ من قال بالبراءة في الشبهة الحكميّة التحريميّة قال بها في المقام لا من جانبين ، أي : كلّ من قال بالبراءة في الشبهة الوجوبيّة لم يقل بها في الشبهة التحريميّة ، بل قال بعضهم فيها بوجوب الاحتياط ، والحقّ ما أفاده المحقّق الآشتياني قدسسره.