____________________________________
وفي التوصليّات الاحتياط ، أو يقول بالبراءة مطلقا بإلحاق التوصليّات بالعبادات من باب الإجماع المركّب ، وفي كلّ منهما مجال للمناقشة.
أمّا الأوّل : فأوّلا : بأنّه خلاف ما اختاره رحمهالله في صدر المسألة من البراءة مطلقا.
وثانيا : بأنّه خرق للإجماع المركّب ؛ لعدم وجود القول بالفصل فيها.
وثالثا : بأنّه لو بنى على التفصيل فالعكس أولى ؛ لأنّ العبادات أقرب إلى الاحتياط ، فالتفصيل المزبور من الغرائب.
وأمّا الثاني : فبأنّ هذا ليس أولى من العكس بأن يقال في التوصليّات بالبراءة ويلحق العبادات بها بالإجماع المركّب ، ولا ترجيح في البين ، فيحصل التعارض بين قاعدتي الاشتغال والبراءة ، وقاعدة الاشتغال إمّا حاكمة على البراءة ، كما إذا شكّ بعد مضي برهة من الزمان في إتيان صلاة الظهر مثلا أم لا ، بل يكون التعارض بينهما حقيقيا ، كما في المقام.
وعلى التقديرين فالمرجع هو الأوّل ، أي : قاعدة الاشتغال ، أمّا على الأوّل ـ أي : حكومة قاعدة الاشتغال على البراءة ـ فواضح ، وأمّا على الثاني ـ أي : التعارض بينهما ـ فلأنّه بعد التساقط يكون احتمال الضرر باقيا والحال هذه فلا بدّ من الإتيان.
إلى أن قال : فإن قلت : إنّ ما ذكره قدسسره في مقام الجواب إنّما يتم على مذهب من اعتبر نيّة الوجه وتحصيل العلم التفصيلي في مقام الامتثال ، وهو رحمهالله غير قائل باعتبارهما ، والاحتياط بنفسه محصّل لما هو الغرض من التكليف ، أعني : اللّطف ، فيكون واجبا.
قلت : إنّ عدم اعتبار نيّة الوجه عنده رحمهالله إنّما هو من جهة عدم الدليل على الاعتبار ، لا ثبوت الدليل على عدمها في الواقع ، وهذا لا ينافي احتمال اعتبارها في الواقع ، وهذا الاحتمال وإن لم يثمر في إزالة الجزم بعدم الاعتبار في مقام العمل لكنّه بمحلّ الثمرة في مثل هذه المسألة العقليّة التي كنّا فيها ، فإنّه بعد قيام هذا الاحتمال يحتمل انحصار قيام اللّطف بالفعل مع معرفة وجهه ، والمفروض عدم إمكانها.
إلى أن قال : إنّ معنى كلام العدليّة ـ حيث قالوا : إنّ التكاليف الشرعيّة ألطاف في العقليات ـ محتمل بين وجوه :
أحدها : أن يكون معناه إنّ امتثال الواجب السمعي باعث على امتثال الواجب العقلي ،