وهذا التخلّص يحصل بالإتيان بما يعلم أنّ مع تركه يستحقّ العقاب والمؤاخذة ، وأمّا الزائد فيقبح المؤاخذة عليه مع عدم البيان.
____________________________________
متعذّر في المقام ، كما أشار إليه قدسسره بقوله : (إنّ نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا) ومشتملا على المصلحة ، بل اللّطف هو امتثال الأمر والإتيان بالفعل بجميع ما له دخل في كونه لطفا ، ومنها قصد الوجه المتوقّف على الامتثال التفصيلي ، وهذا الامتثال التفصيلي متعذّر في المقام لكون الواجب مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، ومع هذا الاحتمال لا يجدي الاحتياط في تحقّق المصلحة وحصول الغرض ، فلا يجب الاحتياط ، ثمّ إنّ الأمر ـ حينئذ ـ يدور بين سقوط أصل الأمر وبين عدم سقوطه والإتيان بالواجب مجرّدا عن قصد الوجه ، ومقتضى القاعدة وإن كان هو الأوّل ؛ لأنّ الشكّ في حصول الغرض يرجع إلى الشكّ في أصل الأمر ، فتجري فيه أصالة البراءة ، إلّا أنّ الإجماع قام على عدم سقوط الأمر فيه ، وحينئذ لا يجوز له ترك الواجب والتمسّك بالبراءة ، بل يجب على المكلّف إتيان الأقلّ خروجا عن مخالفة الإجماع وتخلّصا من العقاب على مخالفة الأمر الموجّه إليه بحكم العقل.
(وهذا التخلّص يحصل بالإتيان بما يعلم أنّ مع تركه يستحقّ العقاب والمؤاخذة ، وأمّا الزائد فيقبح المؤاخذة عليه مع عدم البيان).
والحاصل إنّ الإطاعة وسقوط الأمر تحصل بإتيان الأقلّ المعلوم وجوبه على المكلّف ، وأمّا الجزء المشكوك فليس وجوبه معلوما فيصح له تركه تمسّكا بالبراءة المستفادة من دليل (رفع ... ما لا يعلمون) (١) وقبح العقاب بلا بيان. هذا ملخّص الكلام في هذا المقام ، ومن يريد النقض والإبرام في هذه المسألة فعليه بالكتب المبسوطة ، ولكنّنا نذكر بعض ما في تعليقة المرحوم غلام رضا قدسسره من الإشكال إتماما للفائدة.
قال قدسسره : فإن قلت : إنّ كون الواجب الشرعي لطفا لا يختص بالعبادات ، بل هو ثابت في التوصليّات أيضا ، وما ذكره قدسسره من الجواب إنّما يرفع الإشكال بالنسبة إلى الأوّل دون الثاني.
وحينئذ فهو رحمهالله ؛ إمّا أن يلتزم بالتفصيل بينهما ، بأن جعل المرجع في العبادات البراءة
__________________
(١) الخصال : ٤١٧ / ٩. التوحيد : ٣٥٣ / ٢٤. الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٥٦ ، ح ١.