التفصيلي لورود الخطاب التفصيلي بوجوبه بقوله : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)(١) وقوله : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)(٢) وقوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ)(٣) وقوله : (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)(٤) وغير ذلك من الخطابات المتضمّنة للأمر بالأجزاء لا يوجب جريان أصالة عدم الوجوب وأصالة البراءة.
لكنّ الإنصاف إنّ التمسّك بأصالة عدم وجوب الأكثر لا ينفع في المقام ، بل هو قليل الفائدة ؛ لأنّه إن قصد به نفي أثر الوجوب الذي هو استحقاق العقاب بتركه ، فهو وإن كان غير معارض بأصالة عدم وجوب الأقلّ كما ذكرنا.
إلّا أنّك قد عرفت فيما تقدّم في الشكّ في التكليف المستقلّ أنّ استصحاب عدم التكليف المستقلّ وجوبا أو تحريما لا ينفع في رفع استحقاق العقاب على الترك أو الفعل ،
____________________________________
إذ يكون المقام مسرحا لجريان البراءة يظهر جواز التمسّك بالاستصحاب للحكم بوجوب الأكثر ، وهو ما أشار إليه قدسسره بقوله : (بأصالة عدم وجوبه) ، أي : الأكثر ، وهذا الاستصحاب يكون سليما عن المعارض لعدم جريانه في طرف الأقلّ بعد كون وجوبه معلوما تفصيلا.
قوله : (وتردّد وجوبه بين الوجوب النفسي والغيري ... إلى آخره) دفع لما يتوهّم من أنّ وجوب الأقلّ مردّد بين كونه نفسيّا أو غيريّا ، فحينئذ تكون أصالة عدم وجوب الأكثر النفسي معارضة بأصالة عدم وجوب الأقلّ النفسي ، فما ذكر من عدم معارضة أصالة عدم وجوب الأكثر بأصالة عدم وجوب الأقلّ غير صحيح.
وحاصل الدفع : إنّ تردّد وجوب الأقلّ بين الوجوب النفسي والغيري لا يضر بكون وجوبه معلوما تفصيلا مع قطع النظر عن الخصوصيّة ، فالمقصود من الوجوب المعلوم تفصيلا في طرف الأقلّ هو أصل الوجوب مع قطع النظر عن الخصوصيّة ، وهو معلوم تفصيلا للأدلّة الدالّة على وجوب أجزاء الصلاة ، كما في المتن.
(لكنّ الإنصاف إنّ التمسّك بأصالة عدم وجوب الأكثر لا ينفع في المقام ... إلى آخره).
__________________
(١) المدّثّر : ٣.
(٢) البقرة : ٢٣٨.
(٣) المزّمّل : ٢٠.
(٤) الحج : ٧٧.