ولا عبرة به بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي ومشكوك كما في كلّ معلوم إجمالي كان كذلك ، كما لو علم إجمالا بكون أحد من الإنائين اللّذين أحدهما المعيّن نجس خمرا ، فإنّه يحكم بحلّيّة الطاهر منهما ، والعلم الإجمالي لا يؤثّر في وجوب الاجتناب عنه.
وممّا ذكرنا يظهر أنّه يمكن التمسّك في عدم وجوب الأكثر بأصالة عدم وجوبه ، فإنّها سليمة في هذا المقام عن المعارضة بأصالة عدم وجوب الأقلّ ؛ لأنّ وجوب الأقلّ معلوم تفصيلا فلا يجري فيه الأصل ، وتردّد وجوبه بين الوجوب النفسي والغيري مع العلم
____________________________________
الحكم بقاعدة وحدة الأمثال في الحكم.
(ولا عبرة به بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي ومشكوك ... إلى آخره) ، أي : ولا اعتبار بالعلم الإجمالي هنا في إيجابه الاحتياط بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي بالنسبة إلى الأقلّ ومشكوك بدوي بالنسبة إلى الأكثر ؛ وذلك لجريان أصالة البراءة بالنسبة إلى المشكوك من دون معارضة بأصالة البراءة بالنسبة إلى الأقلّ ؛ لعدم جريانها في طرف الأقلّ لكونه معلوما تفصيلا.
ثمّ إنّ المذكور في شرح التنكابني في هذا المقام هو أنّ هنا أشياء ثلاثة ؛ معلوم الإلزام تفصيلا ، ومعلوم الإلزام إجمالا ، ومشكوك الإلزام رأسا ، والأوّل هو الأقلّ والثاني هو الواجب النفسي المردّد بين الأقلّ والأكثر ، والثالث هو الأكثر.
والمعلوم بالإجمال المذكور مع قطع النظر عن كونه نفسيّا ينحلّ إلى معلوم تفصيلي ومشكوك رأسا ، ومع ملاحظة وجوبه النفسي لا يمكن الانحلال ، إذ لا بدّ فيه من العلم بكون الأقلّ واجبا نفسيا ، نعم ، الانحلال المذكور إنّما يتصوّر في الأقلّ والأكثر الاستقلاليين ، فقوله : (ولا عبرة به بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي ومشكوك) ليس بالوجه ، إلّا أن يريد به ما ذكرنا من قطع النظر عن النفسيّة والغيريّة. انتهى.
ومن المعلوم أنّ نظر المصنّف قدسسره في الانحلال هو نفس الوجوب مع قطع النظر عن كونه نفسيّا أو غيريّا ، وإلّا لم يعقل الانحلال ، فتأمّل جيدا.
(وممّا ذكرنا يظهر أنّه يمكن التمسّك في عدم وجوب الأكثر بأصالة عدم وجوبه ، فإنّها سليمة في هذا المقام عن المعارضة بأصالة عدم وجوب الأقلّ ... إلى آخره).
أي : ممّا ذكرنا من انحلال العلم الإجمالي لا يبقى مجال للحكم بالاحتياط في المقام ،