ثمّ قال : لأنّ ما كان لنا طريق إليه في الظاهر لا يصدق في حقّه الحجب ، وإلّا لدلّت هذه الأخبار على عدم حجّيّة الأدلّة الظنّيّة ، كخبر الواحد وشهادة العدلين وغيرهما.
قال : ولو التزم تخصيصها بما دلّ على حجّيّة تلك الطرق ، تعيّن تخصيصها ـ أيضا ـ بما دلّ على حجّيّة أصالة الاشتغال من عمومات أدلّة الاستصحاب ووجوب المقدّمة العلميّة.
____________________________________
أو على نفيه ، لا عدم العلم الوجداني ، والشاهد عليه هو عدم جريان البراءة الشرعيّة في مورد قيام خبر الواحد على ثبوت الحكم ، كوجوب صلاة الجمعة يومها ، وليس ذلك إلّا لانتفاء الموضوع بوجود الطريق المعتبر شرعا وهو خبر الواحد في المثال المذكور. إذا عرفت ذلك فنقول :
إنّ ما دلّ على وجوب الاحتياط طريقا ينتفي معه موضوع البراءة ، إذ لا يصدق بعد وجود الدليل على وجوب الأكثر أنّه ممّا لا يعلم ، كما لا يصدق في حقّه الحجب أيضا ؛ وذلك لأنّ الوجوب الواقعي وإن كان مشكوكا ومحجوبا إلّا أنّ الوجوب الظاهري ليس مشكوكا ولا محجوبا ؛ وذلك لوجود الطريق إليه وهو أصالة الاشتغال ، (وإلّا لدلّت هذه الأخبار على عدم حجيّة الأدلّة الظنيّة كخبر الواحد ... إلى آخره).
وقد عرفت عدم صدق الحجب مع وجود الطريق المعتبر على الحكم ، فلو قلنا بصدق الحجب مع وجود الطريق المعتبر شرعا ، لزم أن تكون أخبار البراءة دالّة على عدم حجيّة الأدلّة الظنيّة ، فتجري في مواردها البراءة الشرعيّة بمقتضى هذه الأخبار ، مع أنّه لم يلتزم به أحد.
(ولو التزم تخصيصها بما دلّ على حجيّة تلك الطرق) ، أي : لو التزم الخصم بتخصيص أدلّة وجوب الاحتياط بما دلّ على حجيّة الطرق الظنيّة ، فلا تجري أدلّة الاحتياط في موارد الطرق الظنيّة ، فلنلتزم نحن بعكس ما التزمه الخصم ، ونقول بتخصيص الطرق الظنيّة بما دلّ على حجيّة أصالة الاشتغال ، فتكون نتيجة العمل بأصالة الاشتغال ، هذا بالنظر إلى أدلّة الطرق الظنيّة وأصالة الاشتغال ، وأمّا بالنظر إلى نفس الطرق الظنيّة وأصالة الاشتغال فإنّ الطرق الظنيّة متقدّمة على أصالة الاشتغال ؛ لأنّ تقديم الدليل الاجتهادي على الأصل العملي أوضح من الشمس وأبين من الأمس.
وبالجملة ، فإنّ أخبار البراءة لا تفيد في موارد الشكّ في إثبات جزئيّة شيء للمأمور به ،