وأضعف من ذلك أنّه رحمهالله عدل ـ من أجل هذه الحكومة التي زعمها لأدلّة الاحتياط على هذه الأخبار عن الاستدلال بها لمذهب المشهور ، من حيث نفي الحكم التكليفي ـ إلى التمسّك
____________________________________
الاشتغال ، حكومة هذه الأخبار على استصحاب الاشتغال على تقدير كونه مثبتا أوّلا ، واعتبار حجيّته ثانيا ، وذلك لانحصار اشتغال الذمّة بالأقلّ بعد نفي وجوب الأكثر بأخبار البراءة ، ثمّ إنّ اشتغال الذّمة بالأقلّ يرتفع بإتيانه ، وحينئذ لا يبقى شكّ في اشتغال الذّمة فكيف يستصحب؟ ، ومن هنا يظهر أنّ استصحاب الاشتغال باطل لأحد وجهين :
أحدهما : لكونه أصلا مثبتا ليس بحجّة.
وثانيهما : حتى لو قلنا بحجيّة الأصل المثبت فإنّ أخبار البراءة حاكمة عليه.
ثمّ المراد من قوله : (كما أشرنا إليه سابقا) هو قوله في السابق : (ولكن يمكن أن يقال : إنّا نفينا في الزمان السابق وجوب الأكثر لقبح المؤاخذة من دون بيان ، فتعيّن الاشتغال بالأقلّ ، فهو منفيّ في الزمان السابق ، فكيف يثبت في الزمان اللاحق).
وتوضيح وجه حكومة البراءة هنا على استصحاب الاشتغال كما في تعليقة غلام رضا قدسسره هو أنّ غاية مقتضى الاستصحاب ليس إلّا الإتيان بشيء يحصل بسببه الأمن من العقاب ، وهذا قد يكون بإتيان المأمور به الواقعي وقد يكون بإتيان بدله ، والذي تدلّ عليه البراءة ليس إلّا الإتيان بالأقلّ ، فإن كان الأقلّ عين الواقع فهو ، وإلّا فهو بمقتضى أدلّة البراءة بدل عنه مبرئ عن اشتغال الذّمة ، ومؤمّن من العقاب.
وما سمعت من أنّ الاستصحاب من جهة كونه برزخا بين الدليل الاجتهادي والفقاهتي مقدّم على البراءة من جهة تمحّضه للثاني ، إنّما هو في غير هذا المورد ، وهو ما كان العنوان فيه معلوما والمستصحب محرزا ، كما إذا شكّ في إتيان صلاة الظهر فإنّ الاشتغال حينئذ بحكم الاستصحاب يقدّم على البراءة ، وأمّا إذا لم يكن العنوان محرزا ، كما في المقام ـ لأنّ متعلّق الأمر غير معلوم أنّه الأقلّ أو الأكثر ـ ففي هذه الصورة تقدّم البراءة على الاستصحاب ، ومن هنا تعرف أنّ ما ذكره صاحب الفصول قدسسره من حكومة أدلّة الاحتياط على أخبار البراءة غير ظاهر الوجه.
(وأضعف من ذلك أنّه رحمهالله عدل ـ من أجل هذه الحكومة التي زعمها لأدلّة الاحتياط على هذه الأخبار عن الاستدلال بها لمذهب المشهور ، من حيث نفي الحكم التكليفي ـ إلى