ونظرهم في ذلك أنّ النبويّ ، بناء على عمومه لنفي الحكم الوضعي حاكم على تلك الأدلّة المثبتة لذلك الحكم الوضعي ، ومع ما عرفت ، كيف يدّعي أنّ مستند الأصلين المذكورين المتّفق عليهما هو هذه الروايات التي ذهب الأكثر إلى اختصاصها بنفي المؤاخذة؟.
نعم ، يمكن التمسّك به ـ أيضا ـ في مورد جريان الأصلين المذكورين ، بناء على أنّ صدق رفع أثر هذه الامور ـ أعني : الخطأ والنسيان وأخواتهما ـ كما يحصل بوجود المقتضي لذلك
____________________________________
إذا لم يكن هناك دليل أصلا ، كما إذا شكّ في حرمة التتن ، فيقال الأصل عدم الحرمة ، أو أنّ عدم الدليل على الحرمة دليل عدم الحرمة ، ومورد النبوي هو ما إذا كان هناك دليل عام شامل للتسعة وما يقابلها ، حتى يصدق الرفع عليه ، (بحيث لو لا النبويّ لقالوا بثبوت ذلك الحكم) كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى)(١) فإنّه شامل للعامد والخاطئ ، والحديث يرفعه عن الخاطئ.
وكقوله عليهالسلام : (لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب) (٢) فإنّه شامل للذاكر والناسي ، والحديث يرفعه عن الناسي ، وكقوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ)(٣) الآية ، فإنّه شامل للعالم بخمريّة شيء والجاهل به ، والحديث يرفعه عن الجاهل ، ولا يجري الأصلان في مثل هذه الموارد التي قام عليها الدليل في الجملة.
(ونظرهم في ذلك) إلى (أنّ النبويّ بناء على عمومه لنفي الحكم الوضعي حاكم على تلك الأدلّة المثبتة لذلك الحكم الوضعي) على ما عرفت من حكومة رفع الخطأ على عموم القتل بالقتل ، ورفع النسيان على عموم (لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب).
(ومع ما عرفت) من تباين المورد(كيف يدّعي أنّ مستند الأصلين المذكورين المتّفق عليهما هو هذه الروايات التي ذهب الأكثر إلى اختصاصها بنفي المؤاخذة؟) فقط.
(نعم ، يمكن التمسّك به ـ أيضا ـ في موارد جريان الأصلين المذكورين بناء على أنّ صدق
__________________
(١) البقرة : ١٧٨.
(٢) غوالي اللئالئ ٣ : ٨٢ / ٦٥ ، والحديث فيه عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وقريب منه في الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٨ ، وقريب منه أيضا في التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧٣ ، ٥٧٤ ، ٥٧٥ ، وكذلك الوسائل ٦ : ٣٧ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ١ ، ح ١ ، وفي صحيح مسلم ١ : ٢٤٧ / ٣٩٤ : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).
(٣) المائدة : ٩٠.