فإن قلت : إذا كان متعلّق الخطاب مجملا فقد تنجّز التكليف بمراد الشارع من اللفظ ، فيجب القطع بالإتيان بمراده واستحقّ العقاب على تركه مع وصف كونه مجملا ، وعدم القناعة باحتمال تحصيل المراد واحتمال الخروج عن استحقاق العقاب.
قلت : التكليف ليس متعلّقا بمفهوم المراد من اللفظ ومدلوله حتى يكون من قبيل
____________________________________
(حتى تخرج المسألة بذلك) ، أي : بأحد الأمرين المذكورين (عن مورد البراءة ويجب الاحتياط فيها ... إلى آخره).
وهذا المناط في المقام مفقود بعد انحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بالأقلّ ، وشكّ بدويّ في الأكثر ، وبذلك لا يبقى علم إجماليّ حتى يكون مانعا عن أدلّة البراءة ، ولا يجري الأصل في الأقلّ حتى يتعارض معه في جانب الأكثر ، بل يجري الأصل في جانب الأكثر من غير معارض أصلا.
(فإن قلت : إذا كان متعلّق الخطاب مجملا فقد تنجّز التكليف بمراد الشارع من اللفظ ، فيجب القطع بالإتيان بمراده ... إلى آخره).
وحاصل الإشكال كما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته وتعليقة المرحوم غلام رضا قدسسره ، نوضحه بعد ذكر مقدّمة وهي :
إنّ المأمور به إذا كان معنونا بعنوان ومفهوم مبيّن وكان مصداقه ومحصّله مردّدا بين أمرين أو أكثر وجب فيه الاحتياط بإتيان ما هو المحصّل لذلك العنوان.
ومن هنا نقول : إنّ ما نحن فيه يكون من هذا القبيل أيضا ، حيث إنّ متعلّق التكليف في قول الشارع : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)(١) مثلا يدعونا لأن نتساءل : ما هو مراد المولى من لفظ الصّلاة؟
ومن المعلوم أنّ عنوان المراد وإن كان بحسب المفهوم معلوما ومبيّنا إلّا أنّ محصّله يكون مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، فيجب فيه الاحتياط بإتيان الأكثر لنحصل على اليقين بالبراءة ؛ وذلك لأنّ القطع بالمراد لا يحصل إلّا بإتيان الأكثر ، ومن هنا ظهر عدم الفرق بين هذه المسألة والمسألة المتقدّمة من حيث النتيجة والحكم بوجوب الاحتياط.
__________________
(١) البقرة : ١١٠.