____________________________________
حقيقة الصلاة ، فكلّ جزء تضمنه الصحيحة يحكم باعتباره في العبادة ، وكلّ ما هو خارج عنها يحكم بعدم اعتباره ، وكذا الحال في أجزاء الوضوء وشروطها ، فإنّ الوضوءات البيانيّة تتكفّل ببيان أجزائه وشرائطه سواء قيل بوضعه للصحيح أو للأعمّ ، وهكذا القول في غيرهما.
وفيه بعد الغض عن اختصاص البيان القولي والفعلي ببعض العبادات : أنّ البيانات الواصلة باعتبار اشتمالها على الأجزاء المندوبة مجملات من حيث عدم تشخيص المندوب عن الواجب فيها ، فكيف تتمسّك بها في رفع الإجمال؟.
لا يقال بعد وصول الدليل في امتياز الأجزاء المندوبة عن الواجبة : لا يبقى إجمال في البيانات المذكورة ، فإنّ كلّ جزء ثبت استحبابه بالدليل الخارجي يحمل عليه ، وإلّا فيبقى على جزئيّته وجوبا.
قلت : إنّ هذا مستلزم لتخصيص الأكثر ؛ لأنّ الأجزاء المستحبة المشتملة عليها أكثر من الواجبة ، وبعد التسليم فهو لا يعيّن كون الباقي من الواجبات ، بل يبقى على الإجمال.
وأمّا الثاني ، فمن وجوه :
أحدها : إنّ العقل والإجماع قاضيان بأنّ الأوامر المتعلّقة بالعبادات إنّما تعلّقت بأفرادها الصحيحة ؛ لأنّ الفاسدة غير قابلة لتوجّه الطلب من الشارع إليها ، فعلى القول بالأعمّ تكون من المطلقات المقيّدة بالقيد المجمل الساري إجماله إلى الإطلاق ، فلا وجه لمعاملة الإطلاق مع قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) مثلا بمجرّد القول بوضعها للأعمّ بعد فرض كون المراد بها خصوص فرد مبهم في نظرنا معيّن عند الشارع. وفيه :
أوّلا : إنّه منقوض بألفاظ المعاملات ، ضرورة أنّ إمضاء الشارع إيّاها إنّما تعلّق بالصحيحة منها الجامعة لجميع الأجزاء والشرائط ، سواء كانت موضوعة للأعمّ أو الصحيح ، وهذا يوجب سدّ باب التمسّك بالإطلاقات ، مع أنّ التمسّك بها من المسلّمات عندهم.
وثانيا : إنّ العقل والإجماع إنّما يقضيان بأنّ مطلوبات الشارع ماهيّة صحيحة يترتّب عليها حصول القرب والزلفى ، وأين ذلك من كون الصلاة في الآية مثلا مقيّدة بالصحيحة؟.