«وفيه أنّ المكلّف به ـ حينئذ ـ هو المردّد بين كونه نفس المقيّد أو المطلق ، ونعلم أنّا مكلّفون بأحدهما ، لاشتغال الذمّة بالمجمل ، ولا تحصل البراءة إلّا بالمقيّد.
إلى أن قال : وليس هنا قدر مشترك يقيني يحكم بنفي الزائد عنه بالأصل ؛ لأنّ الجنس الموجود في ضمن المقيّد لا ينفكّ عن الفصل ، ولا تفارق لهما ، فليتأمّل». انتهى.
هذا ، ولكنّ الإنصاف عدم خلوّ المذكور عن النظر ، فإنّه لا بأس بنفي
____________________________________
(أنّ المكلّف به ـ حينئذ ـ هو المردّد بين كونه نفس المقيّد أو المطلق) ، فالمكلّف يعلم باشتغال ذمّته بأحدهما ، ولذلك لا يحصل العلم بالبراءة إلّا بإتيان المقيّد ، إذ لو أتى بالكافرة بأن أعتقها وكان الواجب في الواقع هي المؤمنة لا تحصل براءة الذمّة ؛ لأنّ الكافرة مباينة للمأمور به ـ حينئذ ـ التي هي المؤمنة.
(إلى أن قال : وليس هنا قدر مشترك يقيني يحكم بنفي الزائد عنه بالأصل) كما هو كذلك في الشكّ في جزئيّة شيء للمأمور به وذلك لوحدة الوجود.
(لأنّ الجنس) والمراد به هو الرقبة لا ينفكّ وجودا عن الفصل ، والمراد به هو الإيمان حتى يكون الجنس متيقّنا والفصل مشكوكا يرجع فيه إلى البراءة.
(فليتأمّل) لعلّه إشارة إلى أنّ الحكم لو لم نقل بالاحتياط ـ بحمل المطلق على المقيّد ـ هو التخيير بين العمل بالمطلق والعمل بالمقيّد ؛ لأنّ المأمور به مردّد بين كونه مطلقا أو مقيّدا ، فيتعارض احتمال كونه مطلقا مع احتمال كونه مقيّدا ، والحكم في باب التعارض هو التخيير.
أو هو إشارة إلى الدقّة حتى لا يتوهّم انحلال العلم الإجمالي ، وكيف كان فيمكن توجيه كلام العلّامة قدسسره بأحد وجهين :
أحدهما : هو أنّ تمسّكه في هذه المسألة بقاعدة الاشتغال ليس من باب الاعتماد عليها في الاستدلال ، بل من باب التأييد.
وثانيهما : بأنّ الشكّ في مثل هذا الشرط عنده يوجب دوران المأمور به بين المتباينين ، وهو من القائلين بوجوب الاحتياط في مسألة دوران الواجب بين المتباينين.
(ولكنّ الإنصاف عدم خلوّ المذكور عن النظر).
وحاصل وجه النظر ، هو عدم الفرق بين الشكّ في الشرطيّة وبين الشكّ في القيديّة من