وليس بينهما قدر مشترك خارجي أو ذهني يعلم تفصيلا وجوبه فيشكّ في جزء زائد خارجي أو ذهني.
ومن أنّ الإلزام بخصوص أحدهما كلفة زائدة على الإلزام بأحدهما في الجملة ، وهو ضيق على المكلّف.
وحيث لم يعلم المكلّف بتلك الكلفة فهي موضوعة عن المكلّف بحكم (ما حجب الله علمه عن العباد) (١) ، وحيث لم يعلم بذلك الضيق فهو في سعة منه ، بحكم (النّاس في سعة ما لم يعلموا) (٢).
وأمّا وجوب الواحد المردّد بين المخيّر والمعيّن فيه فهو معلوم ، فليس موضوعا عنه ولا هو في سعة من جهته ، والمسألة في غاية الإشكال ، لعدم الجزم باستقلال العقل بالبراءة عن
____________________________________
وملخص بيان عدم جريان البراءة ، هو أنّ جريانها بالنسبة إلى خصوص وجوب العتق معارض بجريانها بالنسبة إلى وجوب إحدى الخصال.
(وليس بينهما قدر مشترك خارجي أو ذهني يعلم تفصيلا وجوبه فيشكّ في جزء زائد خارجي أو ذهني) ثمّ ينفي ما شكّ فيه بأدلّة البراءة ، بل إتيان العتق والإطعام متباينان خارجا وذهنا ، فيجري فيه ما تقدّم في المتباينين من وجوب الاحتياط.
ثمّ أشار قدسسره إلى وجه جريان البراءة بقوله :
(ومن أنّ الإلزام بخصوص أحدهما) كالعتق مثلا(كلفة زائدة على الإلزام بأحدهما في الجملة) ، أي : من دون تعيين ، كالعتق مثلا ، فتجري فيه أصالة البراءة بعد عدم علم (المكلّف بتلك الكلفة) وكونها ضيقا عليه ، فهي حينئذ مرفوعة وموضوعة عن المكلّف لقوله عليهالسلام : (ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم) وهو في سعة منه بحكم (الناس في سعة ما لم يعلموا).
(وأمّا وجوب الواحد المردّد بين المخيّر والمعيّن فيه فهو معلوم ، فليس موضوعا عنه ولا هو في سعة من جهته) ، إذ لا تشمل أدلّة البراءة ما هو المعلوم للمكلّف.
__________________
(١) التوحيد : ٤١٣ / ٩. الوسائل ٢٧ : ١٦٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٢٣.
(٢) الكافي ٦ : ٢٩٧ / ٢. الوسائل ٣ : ٤٩٣ ، أبواب النجاسات ، ب ٥٠ ، ح ١١ ، وفيهما : (هم في سعة حتى يعلموا).