طلب شرعي آخر له. نعم ، يلزم من الوعد على الثواب طلب إرشادي لتحصيل ذلك الموعود.
فالغرض من هذه الأوامر ـ كأوامر الاحتياط ـ تأييد حكم العقل والترغيب في تحصيل ما وعد الله عباده المنقادين المعدودين بمنزلة المطيعين ، وإن كان الثابت بهذه الأخبار خصوص الثواب البالغ كما هو ظاهر بعضها ، فهو وإن كان مغايرا لحكم العقل باستحقاق أصل الثواب على هذا العمل بناء على أنّ العقل لا يحكم باستحقاق ذلك الثواب المسموع الداعي إلى الفعل ، بل قد يناقش في تسمية ما يستحقّه هذا العامل لمجرّد احتمال الأمر ثوابا وإن كان نوعا من الجزاء والعوض ، إلّا إنّ مدلول هذه الأخبار إخبار عن تفضّل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع ، وهو ـ أيضا ـ ليس لازما لأمر شرعي هو الموجب لهذا
____________________________________
فملخّص الفرق هو أنّ ترتّب الثواب في أخبار من بلغ باعتبار الإطاعة الحكميّة لا يكشف إلّا عن الأمر الإرشادي ، وترتّب الثواب في تلك الأخبار باعتبار الإطاعة الحقيقيّة كاشف عن الأمر المولوي الدالّ على الاستحباب الشرعي.
وقوله : (وإن كان الثابت بهذه الأخبار ... إلى آخره) عطف على قوله : (وإن كان الثابت بهذه الأخبار خصوص الثواب).
وتقدّم شرح قوله : فإن كان الثابت بأخبار من بلغ أصل الثواب ، حيث تكون ـ حينئذ ـ مؤكّدة لحكم العقل ، لتطابق حكم الشرع والعقل في ترتّب أصل الثواب.
وأمّا إن كان الثابت بها خصوص الثواب البالغ ، كما هو ظاهر بعضها ، فحكم الشرع بالثواب البالغ وإن كان مغايرا لحكم العقل باستحقاق أصل الثواب على هذا الفعل لا الثواب البالغ ولا مؤكّدا لحكم العقل ، إلّا إنّ ترتّب الثواب البالغ ـ أيضا ـ لا يستلزم الأمر المولوي كترتّب أصل الثواب ، بل يكون هذا الثواب تفضّلا من الله تعالى على العامل ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(إنّ مدلول هذه الأخبار إخبار عن تفضّل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع ، وهو أيضا ... إلى آخره).
أي : كأصل الثواب لا يستلزم الأمر المولوي الموجب لهذا الثواب حتى يدلّ على الاستحباب الشرعي.