هنا في الحدائق ، بعد ذكر وجوب التوقّف :
«إنّ من يعتمد على أصالة البراءة يجعلها هنا مرجّحة للاستحباب. وفيه :
أولا : منع جواز الاعتماد على البراءة الأصليّة في الأحكام الشرعيّة.
وثانيا : إنّ مرجع ذلك إلى أنّ الله تعالى حكم بالاستحباب لموافقة البراءة ، ومن المعلوم أنّ أحكام الله تعالى تابعة للمصالح والحكم الخفيّة ، ولا يمكن أن يقال : إنّ مقتضى المصلحة موافقة البراءة الأصليّة ، فإنّه رجم بالغيب وجرأة بلا ريب» ، انتهى.
____________________________________
(وقد صرّح صاحب الحدائق تبعا للمحدّث الاسترآبادي بوجوب التوقّف والاحتياط هنا).
أي : فيما إذا كان اشتباه الحكم الشرعي من جهة إجمال النصّ ، حيث قال في الحدائق بعد ذكر وجوب التوقّف :
(إنّ من يعتمد على أصالة البراءة يجعلها هنا مرجّحة للاستحباب).
أي : من يعتمد على استصحاب البراءة الثابتة قبل الشرع يجعل البراءة الأصليّة في تساوي احتمالي الوجوب والاستحباب مرجّحة للاستحباب ، ثمّ أورد عليه بقوله :
(وفيه : أوّلا : منع جواز الاعتماد على البراءة الأصليّة في الأحكام الشرعيّة).
إذ لا يصحّ الاعتماد على البراءة الأصليّة بعد العلم بزوالها بصدور الحكم من الشارع لكلّ واقعة يحتاج إليها.
(وثانيا : إنّ مرجع ذلك إلى أنّ الله تعالى حكم بالاستحباب لموافقة البراءة).
أي : إنّ مرجع جعل البراءة الأصليّة ترجيحا للاستحباب إلى أنّ الله تعالى حكم بالاستحباب لكونه موافقا للبراءة ، وهذا باطل بالضرورة والوجدان ، لأنّ أحكام الله ليست تابعة للبراءة الأصليّة ، لا على مذهب الأشاعرة ، ولا على مذهب العدليّة ، وإنّما تابعة للمصالح والحكم الخفيّة على مذهب العدليّة.
قوله : (ولا يمكن أن يقال : إنّ مقتضى المصلحة موافقة البراءة الأصليّة).
دفع لما يمكن أن يقال : إنّ المصلحة تقتضي أن يكون الحكم موافقا للبراءة وهو الاستحباب.
وحاصل الدفع أنّ القول بأنّ مقتضى المصلحة موافقة البراءة الأصليّة ، فلا ينافي ما ذكر