ومجرّد عروض النسيان كيف يرفع الحكم الثابت من الإطلاقات والاستصحاب ، بل الإجماع أيضا؟ وأي شخص يحصل منه التأمّل في أنّه إلى ما قبل صدور النسيان كان مكلّفا ، وبمجرّد عروض النسيان يرتفع التكليف الثابت؟ وإن أنكر حجيّة الاستصحاب فهو يسلّم أنّ الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ـ إلى أن قال : ـ نعم ، في الصورة التي يحصل للمكلّف علم إجمالي باشتغال ذمّته بفوائت متعدّدة يعلم قطعا تعدّدها ، لكن لا يعلم مقدارها ، فإنّه يمكن ـ حينئذ ـ أن يقال : لا نسلّم تحقّق الشغل بأزيد من المقدار الذي تيقّنه ـ إلى أن قال : ـ والحاصل أنّ المكلّف إذا حصل له القطع باشتغال ذمّته بمتعدّد والتبس عليه ذلك كمّا وأمكنه الخروج عن عهدته فالأمر كما أفتى به الأصحاب ، وإن لم يحصل ذلك بأن يكون ما علم به خصوص اثنتين أو ثلاث ، وأمّا أزيد عن ذلك فلا ، بل احتمال احتمله ، فالأمر كما ذكره في الذخيرة.
____________________________________
التفصيلي بطروّ النسيان إلى العلم الإجمالي ، ومن المعلوم أنّ مجرّد النسيان لا يرتفع به أثر العلم ، وهو تنجّز التكليف واقعا.
هذا ملخّص الفرق ، ومنه يظهر عدم صحّة الرجوع إلى أصالة البراءة ؛ لأنّ مقتضى القاعدة بعد تنجّز التكليف واقعا ـ كما هو المفروض ـ هو وجوب القضاء حتى يحصل العلم بالفراغ ولا يحصل العلم به إلّا بإتيان الأكثر ، فلا تجري فيه أصالة البراءة.
(نعم ، في الصورة التي يحصل للمكلّف علم إجمالي باشتغال ذمّته بفوائت متعدّدة يعلم قطعا تعدّدها ، لكن لا يعلم مقدارها ... إلى آخره).
أي : لو علم المكلّف من الأوّل إجمالا من غير سبق علم تفصيلي ، وعروض النسيان عليه بأن يعلم إجمالا باشتمال عدّة من صلواته السابقة على خلل موجب للبطلان ، ولم يعلم كميّتها ، لكان مقتضى القاعدة هو الرجوع إلى البراءة بالنسبة إلى الزائد عن القدر المتيقّن ، والأمثلة الأربعة هي من هذا القبيل.
(والحاصل أنّ المكلّف إذا حصل له القطع باشتغال ذمّته) تدريجا (بمتعدّد والتبس عليه) بحيث لا يعلم مقداره (وأمكنه الخروج عن عهدته فالأمر كما أفتى به الأصحاب) من تحصيل الظنّ ، أو العلم بالفراغ (وإن لم يحصل ذلك) أي : القطع تدريجا(بأن يكون ما علم) دفعة (فالأمر كما ذكره في الذخيرة) من وجوب الإتيان بالقدر المتيقّن ، والرجوع إلى البراءة