.................................................................................................
______________________________________________________
ومن هنا ذكروا أنّ الظن في باب القبلة حجّة وأمارة كاشفة عن الواقع ، لقوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة : «يجزي التحري أبداً إذا لم يعلم أين وجه القبلة» (١) ومع ذلك لا يثبت به لازمه من استعلام دخول الوقت بزوال الشمس عن الناحية المظنون كونها قبلة ، بل لا بدّ من معرفة ذلك بطريق آخر من علم أو علمي.
ولو شكّ بعد الصلاة في الطهارة بنى على صحّتها بقاعدة الفراغ ، مع أنّ لازمها كونه متطهّراً فعلاً ، ولم يلتزم به أحد ، لا هو (قدس سره) ولا غيره حتّى من القائلين بكون القاعدة من الأمارات ، بل لا مناص من تحصيل الطهارة للصلوات الآتية.
والحاصل : أنّا وإن التزمنا بكون القاعدة من الأمارات ، إلّا أنّ الأمارية بمجرّدها لا تستوجب الحجّية في اللوازم العادية أو العقلية ، وإن اشتهر القول بذلك وجعلوه فارقاً بينها وبين الأُصول.
وإنّما يتم ذلك في طائفة خاصّة منها وهي ما كانت من مقولة الألفاظ ومن باب الحكايات كالأخبار والأقارير والبيِّنات ، حيث إنّ الإخبار عن الشيء إخبار عن لازمه بطبيعة الحال وإن كان المخبر جاهلاً بالملازمة.
فلو اعترف بأنّه هو الّذي أوصل السلك الكهربائي بيد زيد المقتول أو أوجر المائع الفلاني أو القرص الكذائي في حلقه كان هذا إقراراً وإخباراً عن قتله قهراً ، وإن لم يعلم هو بالملازمة لجهله بتأثيره في القتل ، فيثبت به لازمه وهو كونه قاتلاً وإن كان خاطئاً.
والسر أنّ بناء العقلاء قائم على حجّية الأخبار والحكايات في المداليل الالتزامية ، كما كان قائماً على حجّيتها في المدلول المطابقي ، وبهذا تفترق
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٠٧ / أبواب القبلة ب ٦ ح ١.