.................................................................................................
______________________________________________________
فلا ريب في وجوب الإتيان به بمقتضى قاعدة الشك في المحل.
فلو ذهل عن ذلك وسجد نسياناً ثمّ تذكّر فهل يجري عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل ، نظراً إلى زوال الشك السابق العارض في المحل وانعدامه بالنسيان وهذا شك جديد طارئ بعد التجاوز فلا يلتفت إليه. أو لا يجري باعتبار أنّ هذا هو الشك السابق بعينه وإن تخلّل بينهما النسيان ، وبما أنّه كان قبل تجاوز المحل فيجب الاعتناء به؟
تردّد الماتن (قدس سره) في ذلك ، ثمّ اختار الثاني. وهو الصحيح ، وذلك لأنّه حينما شكّ كان محكوماً بالاعتناء بمقتضى كون شكّه في المحل ، فلم يكن مأموراً آن ذاك بالسجود ، وإنّما نشأ الإتيان به من النسيان ، ومثله لا يكون محقّقاً للدخول في الغير المعتبر في جريان قاعدة التجاوز ، لعدم كونه من الغير المترتِّب على المشكوك فيه بعد عدم كونه مأموراً به. فلا يكون مشمولاً لدليل القاعدة. هذا أوّلاً.
وثانياً : مع الغض عن ذلك فلا ريب في انصراف الدليل عن مثل هذا الشك المسبوق بمثله في المحل والمتخلّل بينهما النسيان ، فلا يكون مشمولاً للإطلاق ، بل المرجع أصالة عدم الإتيان.
وبعبارة اخرى : مقتضى الأصل الأوّلي وهو الاستصحاب لزوم الاعتناء بالشك ، خرجنا عن ذلك في موارد قاعدة التجاوز والفراغ ونحوهما من القواعد المصحّحة بمقتضى حكومة أدلّتها عليه ، فاذا لم تجر القاعدة في مورد من جهة الانصراف كما في المقام كان المرجع دليل الاستصحاب ، وكان بمجرّده كافياً في لزوم الاعتناء.
ويعضده ما ذكرناه في محلّه (١) من أنّ المستفاد من التعليل بالأذكرية والأقربية
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٣٠٦.