.................................................................................................
______________________________________________________
بعدم الاعتناء.
وتوضيحه : أنّ الكثرة والقلّة كالكبر والصغر ليست من الأُمور الواقعية التي لها تقرّر في حدّ ذاتها ، وإنّما يتّصف الشيء بهما عند ملاحظته مع شيء آخر ولدي المقايسة بينهما ، فهي من الصفات الإضافية كالفوقيّة والتحتيّة.
فالجسم الواحد كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه حجماً ، وهو بنفسه صغير بالنسبة إلى الأكبر منه ، كما أنّ كمِّيّة خاصّة من المال مثلاً كثيرة بالقياس إلى ما دونها وقليلة بالإضافة إلى ما فوقها ، ولا يصحّ توصيف شيء بالكثرة والقلّة أو الكبر والصغر بقول مطلق من غير ملاحظته مع شيء آخر.
وعليه فاذا فرضنا أنّ أحداً يشكّ في الشهر عشر مرّات مثلاً أو عشرين فهو كثير الشك بالإضافة إلى الأفراد العاديين الّذين لا يشكّون كما هو الغالب أو في الشهر مرّة أو مرّتين ، وإن لم يكن هذا بالغاً درجة كثير الشك بالمعنى الاصطلاحي المفسّر بمن لا تمرّ عليه ثلاث صلوات إلّا ويشكّ في إحداها ، فهو بالإضافة إليه من قليل الشك ، ووظيفته الإعادة كما حكم (عليه السلام) أوّلاً إذ الشكّ في عدد الركعات بحيث لم يدر كم صلّى موجب للبطلان كما مرّ سابقاً (١).
فلا منافاة بينه وبين نفي الإعادة في الجواب عن السؤال الثاني المفروض فيه كثرة الشك ، بحيث كلّما أعاد شكّ ، الّذي هو من كثير الشك بالمعنى المصطلح. فالمراد بالكثرة في أحد السؤالين غير ما هو المراد بها في السؤال الثاني.
واستظهر صاحب الحدائق (قدس سره) (٢) أن يكون المراد بالكثرة في السؤال الأوّل كثرة أطراف الشكّ ومحتملاته ، بأن تردّدت بين الواحدة والثنتين
__________________
(١) شرح العروة ١٨ : ١٧٧.
(٢) الحدائق ٩ : ٢٨٩.