فإنّ قوله : (ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) قائم مقام قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) فيرفع إبهام الثاني بالأوّل.
٣. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً). (١)
٤. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (لِسَعْيِها راضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ). (٢)
انظر إلى الانسجام البديع ، والتقابل الواضح بينها ، والاستهداف الواحد ، والجميع بصدد تصنيف الوجوه يوم القيامة ، إلى ناضرة ومسفرة ، وناعمة وإلى باسرة ، وسوداء (غبرة) وخاشعة.
أفبعد هذا البيان يبقى الشكّ في أنّ المراد من (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) هو انتظار الرحمة ، والقائل بالرؤية يتمسّك بهذه الآية ويغض النظر عمّا حولها من الآيات ، ومن المعلوم أنّ هذا من قبيل محاولة إثبات المدّعى بالآية ، لا محاولة الوقوف على مفادها.
وفي الختام أرى من الجدير بالذكر أن أنقل الحوار القصير الذي دار بيني وبين أحد المثقّفين في تركيا ، وكان يُجيد اللغتين التركية والعربية والثانية كانت لغته الأُمّ ، لأنّه كان من الإسكندرونة المحتلّة ـ حسب زعم السوريين ـ ، وقد كان يرافقني عند ما حللت ضيفاً على تركيا لإلقاء محاضرة في المؤتمر الذي انعقد لبيان أحكام السفر ، وقد استرسلنا في الحوار إلى أن سألني عن رؤية الله تبارك وتعالى في الآخرة؟
فأجبته بالنفي.
قال : لما ذا؟
__________________
(١) الغاشية ٤٢.
(٢) الغاشية : ١٠٨.